تدحرج رغمًا عنه فهو مجبر، وإن مات فهو مجبر، وإن شرب فهو مجبر .. كله إجبار ما له اختيار. وهؤلاء أيضًا خالفوا المعقول والمنقول والمحسوس. لو أن أحدًا منهم وقف أمامنا وقال: الإنسان مجبر على فعله فقام أحدنا وضربه كفًّا وقال: أنا مجبر على أن أضربك كفًّا فلن يرضى. ولهذا يذكر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رُفع إليه سارق فأمر بقطع يده، فقال: مهلًا يا أمير المؤمنين، والله ما سرقت إلا بقدر الله -يعني غصبًا علي- فقال: ونحن لا نقطع يدك إلا بقدر الله. فردَّ عليه بحجته. مع أن أمير المؤمنين يقطع يد السارق بقدر الله وشرع الله.
ومشيئة الله مقيدة بالحكمة، ودليل ذلك قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان: ٣٠]، يدل على أن مشيئة الله مقرونة بالعلم والحكمة وهو كذلك، فلا يشاء سبحانه وتعالى شيئًا إلا لحكمة. ولكن الحكمة قد تبين لنا وقد تخفى علينا؛ لأن عقولنا قاصرة. قد نظن مثلًا أن نزول المطر في هذا الوقت ضرر وليس بضرر. وقد نظن أن حبس المطر عنا ضرر وليس بضرر.
١٣ - إثبات اسمين من أسماء الله وهما {وَاسِعٌ} والثاني {عَلِيمٌ} واسع في كل صفاته. كل صفاته سبحانه واسعة، رحمته وسعت كل شيء، وعلمه وسع كل شيء، وسلطانه شمل كل شيء، وقدرته على كل شيء {وَاسِعٌ} بكل معناه حتى إن الله قال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ١١٥]، أي مكان تولي وجهك له فالله أمامك، إذا كنت في الصلاة فإن الله تعالى يراك وهو أمامك كما قال عليه الصلاة والسلام: "إذا كان