للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعًا قد أوجب السكنى، وهو خلاف الرواية الأولى، ولعل الشعبي أفتى بخلاف ما روى لإنكار الناس عليه ذلك.

وقد تعلق قوم بشيء رواه ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أن خالته طُلقت، فأرادت أن تَجُدّ نخلها، فأذن لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك (١).

وقد ذهب عنهم أن نخلَ المدينة حولها، ومبيتهم في منازلهم، ولسنا ننكر تصرف المُعتدّة في حاجاتهم وأمورها إذا كان مبيتها في بيتها، وقد أفتت بذلك عائشة وابن عمر وغيرهما، وشرطوا ألا تبيت إلا في بيتها.

فأما من قال من التابعين، من ابن المسيب، والزهري، وخلق كثير، فإنهم قالوا: لها السكنى ولا نفقة (٢).

فإن قال قائل: كيف عنى بقوله: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} المَبْتوتات، وهن لم يُذكَرنَ فيما مضى؟

قيل له: قال اللَّه عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}، ومعناه: يا أيها النبي عَلِّمهم إذا أردتم أن تطلقوا النساء فطلقوهن لعدتهن، يريد طاهرًا من غير جماع، فكان هذا خطابًا لمن أراد أن يطلِّق امرأة لم يطلقها قبل ذلك، وهي عنده على ثلاث، ومن طلق واحدة فزوجته عنده بارتجاعه على اثنتين، ومن طلق اثنتين فزوجته عنده على واحدة، يريد أن يطلقها، فقيل للجماعة: إذا أردتم الطلاق، فطلقوا في قُبُل العِدّة، فكان هذا الخطاب لمن يملك الرّجعة ومن لا يملكها.


(١) رواه مسلم في صحيحه برقم ١٤٨٣، كتاب: الطلاق، باب: جواز خروج المعتدة البائن (ط عبد الباقي).
(٢) روى ابن أبي شيبة في مصنفه برقم ١٨٦٥٨، عن الحسن، وعطاء، والشعبي أنهم قالوا في المطلقة ثلاثًا: لها السكنى ولا نفقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>