لا اختلاف بين المسلمين أن العقد يحرِّم على الآباء والأبناء دون الغَشَيان، حرم اللَّه على الأبناء ما عَقَدَ عليه الآباء، وحرم على الآباء ما عَقَدَ عليه الأبناء، أيهما ملك العُقْدَة فقد حرمت على الآخر.
وأما قوله:{إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} يريد: الذي كان قبل نزول التحريم مما قد انقطعت العصمة فيه، وما بقي فيه عصمة فقد ألزمتهم الآية المفارقة والإقلاع.
وقوله عز من قائل:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} يريد أنهم كانوا يفعلونه وهم يعلمون.
وأما قوله سبحانه:{وَمَقْتًا}، فإن العرب كانت إذا ولد للرجل من امرأة أبيه سمي الولد ولد مَقْت، وأولاد المقت معروفون في كتب النسب، فقال: فلان مَقْتِي، وفلان مقتي.
ويحتمل {كَانَ فَاحِشَةً} أي: هو الآن بعد التحريم فاحشة، لأن العرب قد تقول: كان، ولا يعتد بها، وهو كثير في كلامهم، وقال الشاعر:
فإنكَ لو رأيتَ ديار قوم ... وجيرانٍ لنا كانوا كرامِ (١)
فأدخل كان ولم يعتدّ بها.
(١) عزاه سيبويه في الكتاب (٢/ ١٥٣) إلى الفرزدق، وهو في ديوانه (٢/ ٥٢٩)، وفيه: فكيف إذا رأيت ديار قومي.