للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، أن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان طلق ابنة سعيد بن زيد ثلاثًا، وأمها أخت فاطمة بنت قيس، وأن فاطمة أمرتها بالخروج، فنهاها مروان عن ذلك وقال: لا ندع العصمة التي الناس عليها لقول امرأة (١).

ومروان لم يخبر عن نفسه، وإنما ذكر ما أدرك الناس عليه، وناقل ذلك عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، ومَوْضِعُه مَوْضِعُه في الفضل والعلم، وسعيد بن المسيب يذكر أن فاطمة فتَنَت الناس، وعائشة قالت في أمرها ما قالت، ففاطمة غلطت في التأويل، ولم تَدْرِ (٢) أنها أُسْكِنت.

وقول عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: لا ندع كتاب ربنا عز وجل لقول امرأة، لها السكنى، إلى هذا الموضع، والنفقة إلحاقٌ في الحديث.

وقد يجوز: وسُنّة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- أَلّا نفقة، وإلا فمن الراوي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه جعل للمَبتوتة نفقةً وليست بحامل، حتى يكون عمر أشار إلى تلك السُّنة؟ فالسُّنة مقبولة من فاطمة: أَلّا نفقةَ بحديث أبي سلمة والسكنى، فهذا هو الذي أشار إليه عمر أن السكنى بالكتاب، ولا نفقة بالسُّنة، ولما كانت المرأة تَعْتَد للوفاة ولا نفقة لها، كانت تعتد من الطلاق البائن ولا نفقة لها، إلا أن تكون حاملًا.

وأما ما روي عن الشعبي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا ابنة قيس إنما يكون السكنى والنفقة ما كان لزوجك عليك مراجعة" فهو غلط، لأن الشعبي يرى للمطلقة ثلاثًا السكنى والنفقة، وروي عنه، وعن الحسن، وعطاء أنهم قالوا: سكنى ولا نفقة، وهذا أشبه، لأنه موافق للقرآن، غير أن الشعبي في الروايتين


(١) رواه مسلم في صحيحه برقم ١٤٨٠، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها (ط عبد الباقي).
(٢) في الأصل: تدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>