للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعائشة قد علمت ما فعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أمر ابنة قيس، وأنه أسكنها، وفرق بينهم بسبب الشر، ألا ترى ما قالت: دع عنك ذكر فاطمة، في حديث حماد بن زيد، فقد عرَفتْ في أي شيء كان ذلك، فقد علِمنا يقينًا أنها قد عرفت شأن فاطمة، وإيجابَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- السكنى، وتحويله إياها بسبب الشر، فأيهما أولى بمعرفة ذلك عائشة، أو ابنة قيس؟ وهل يكون بين معرفتهما تقارب؟

وقد روي عن جماعة من السلف أنهم قالوا: {وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، أنه البَذاء وسوء الخلق (١)، ولعلهم ذهبوا إلى قصة فاطمة بنت قيس، واللَّه أعلم.

وروى عكرمة، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، وأنه في مصحفه: "إلا أن يَفحُشن عليكم"، قال ابن عباس، عن أبي بن كعب: عليهم حل لهم إخراجها.

وإذا كان ذلك كذلك أمر الإمام بإخراجها، إذا تفاحش البَذاء منها إلى موضع يختاره لها، كما فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في فاطمة بنت قيس، وذلك مردود إلى اجتهاد الرأي من الحاكم، واللَّه أعلم.

وقد روى ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها: أن فاطمة بنت قيس كانت في مكان وحْش، فخيف عليها فَحُوِّلت (٢).

ومعنى وَحْش يحتمل الشر الذي كان بينهم والشقاق، واللَّه أعلم، فقد عُقل من قصة فاطمة أنه قضى عليه السلام ألا نفقة، وأسكنها من حيث لم تَدْر.


(١) رواه ابن جرير في تفسيره (١٢/ ١٢٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنه.
(٢) أورده البخاري معلقًا في صحيحه برقم ٥٣٢٥، كتاب: الطلاق، باب: قصة فاطمة بنت قيس، ورواه موصولًا أبو داود في سننه برقم ٢٢٩٢ كتاب: الطلاق، باب: من أنكر ذلك على فاطمة، وابن ماجه في سننه برقم ٢٠٣٢ أبواب: الطلاق، باب: هل تخرج المرأة في عدتها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>