ولذلك ضرب السلف رضي الله عنهم أجمعين أعظم وأروع الأمثلة في التمسك بالسنة، هذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول:(إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم الآن يقول: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، فقال: ولده بلال والله لنمنعهن، يتخذنه دغلاً، قال: أو أقول لك إن رسول الله قال، وتقول: والله لنمنعهن، والله لا حدثتك حتى الموت)، هذا الرجل أحب الله ورسوله فوق حبه لولده، ولذلك خاصمه، وأبعده عنه وعن رحمة الأبوة؛ لأنه رد على الله عز وجل وعلى رسوله أمره:(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) قال: والله لنمنعهن يتخذنه دغلاً.
امرأة تأتي إلى النبي عليه الصلاة والسلام ومعها ابنتها، فيقول لها النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى سوارين من ذهب في يد البنت:(أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أتحبين أن يسورك الله بسوارين من نار)، فلم تقل: لا، ولكنها بادرت وسارعت بخلع هذين السوارين، وألقتهما على الأرض وقالت: هما لله ورسوله.
فما الذي حملها على ذلك؟ إيمانها بالله، وتوحيدها الخالص لله عز وجل.
رأى النبي عليه الصلاة والسلام بعض النسوة بعد أن خرجن من المسجد -أي: مسجد المدينة- قد سرن في عرض الطريق -كما نشاهد اليوم النساء الغافلات الجاهلات يخرجن إلى الأسواق والطرقات والشوارع، بجوار بعضهن البعض حتى يغلقن الطريق أمام المرارة- فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام ذلك منهن قال:(ليس للنساء عرض الطريق)، فلما سمعت النساء بهذا النهي والتحذير التصقت كل واحدة منهن بالجدار، أي بحافة الطريق حتى يتعلق ثوبها بالجدار، تصديقاً وإيماناً وإذعاناً لما جاء عن الله ورسوله.
كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا نزل منزلاً مع أصحابه تفرقوا في الشعاب والأودية فقال النبي عليه الصلاة والسلام:(إن تفرقكم هذا من الشيطان قال أبو هريرة: فوالله ما نزلنا منزلاً بعد أن سمعنا قوله إلا وانضم بعضنا إلى بعض، حتى لو طرح علينا الثوب الواحد لعمنا أجمعين)، لقد حقق الصحابة رضي الله عنهم معنى: محمد رسول الله.