للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الجحاف بالخير دوبل قلت ما فعل أبوك وقومك؟ قالت أفناهم الزمان وأبادتهم الليالي والأيام وبقيت بعدهم كالمزج بوأه الوكر قلت هل تذكرين زمانا كان لكم في عرس وإذا جوار أخذن المهزام وسطهن جارية بيدها دف تضرب به وتقول أيها الحساد موتوا كمدا فشهقت واستعبرت وقالت والله إني لأذكر ذلك العام والشهر واليوم والعرس كانت أختي وأنا صاحبة الدف قال فقلت لها هل لك أن نحملك على أوطاء دوابنا ونغدوك بغذاء أهلها قالت كلا عزيز علي أن أفارق هذه الأعظم حتى أؤول إلى ما ألو إليه قلت من أين طعامك قالت يمر بي الركب في القرط فيلقون إلي من الطعام ما يكفيني والذي أكتفي به يسير وهذا الكوز مملوء ماء ما أدري ما يأتيني به ولكن أيها الركب معكم امرأة قلنا لا قالت معكم من الثياب البياض قلنا نعم وألقينا إليها ثوبين جديدين فتجللت بهما وقالت رأيت البارحة كأني عروس أتهادى من بيت إلى بيت وقد ظننت أن هذا يوم أموت فيه فأردت امرأة تلي أمري فلم تزل تحدثنا حتى مالت فنزعت نزعا يسيرا وماتت فيممناها وصلينا عليها ودفناها فلما قدمت على معاوية حدثته بالحديث فبكى ثم قال لو كنت مكانكم لحملتها ثم قال ولكن سبق القدر.

[*] (وأورد ابن أبي الدنيا رحمه الله تعالى في كتابه الاعتبار وأعقاب السرور عن نابل بن نجيح قال كان باليمامة رجلان ابنا عم فكثر مالهما فوقع بينهما ما يقع بين الناس فرحل أحدهما عن صاحبه قال فإني ليلة قد ضجرت برغاء الإبل والغنم والكثرة إذ أخذت بيد صبي لي وعلوت في الجبل فأنا كذلك إذ أقبل السيل فجعل مالي يمر بين ولا أملك منه شيئا حتى رأيت ناقة لي قد علق خطامها بشجرة فقلت لو نزلت إلى هذه فأخذتها لعلي أنجو عليها أنا وبني هذا فنزلت فأخذت الخطام وجذبها السيل فرجع علي غصن الشجرة فذهب ماء إحدى عيني وأفلت الخطام من يدي فذهبت الناقة ورجعت إلى الصبي فوجدته قد أكله الذئب فأصبحت لا أملك شيئا فقلت لو ذهبت إلى بن عمي لعله يعطيني شيئا فمضيت إليه فقال لي قد بلغني ما أصابك والله ما أحببت أنه قد أخطأك فكان ذلك أشد مما أصابني فقلت أمضي إلى الشام فأطلب فلما دخلت إلى دمشق إذا الناس يتحدثون أن عبد الملك بن مروان أصيب بابن له فاشتد حزنه عليه فأتيت الحاجب فقلت إني أحدث أمير المؤمنين بحديث يعزيه عن مصيبته هذه فقال أذكر ذلك له وذكره فقال أدخله فأدخلني فحدثته بمصيبتي فقال قد عازيتني بمصيبتك عن مصيبتي وأمر لي بمال فعدت وتراجعت حالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>