((قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الذكر
وهي منزلة القوم الكبرى التي منها يتزودون وفيها يتجرون وإليها دائما يترددون و الذكر منشور الولاية الذي من أعطيه اتصل ومن منعه عزل وهو قوت قلوب القوم الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا وعمارة ديارهم التي إذا تعطلت عنه صارت بورا وهو سلاحهم الذي يقاتلون به قطاع الطريق وماؤهم الذي يطفئون به التهاب الطريق ودواء أسقامهم الذي متى فارقهم انتكست منهم القلوب والسبب الواصل والعلاقة التي كانت بينهم وبين علام الغيوب إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحيانا فننتكس به يستدفعون الآفات ويستكشفون الكربات وتهون عليهم به المصيبات إذا أظلمهم البلاء فإليه ملجؤهم وإذا نزلت بهم النوازل فإليه مفزعهم فهو رياض جنتهم التي فيها يتقبلون ورءوس أموال سعادتهم التي بها يتجرون يدع القلب الحزين ضاحكا مسرورا ويوصل الذاكر إلى المذكور بل يدع الذاكر مذكورا وفي كل جارحة من الجوارح عبودية مؤقتة و الذكر عبودية القلب واللسان وهي غير مؤقتة بل هم يأمرون بذكر معبودهم ومحبوبهم في كل حال: قياما وقعودا وعلى جنوبهم فكما أن الجنة قيعان وهو غراسها فكذلك القلوب بور وخراب وهو عمارتها وأساسها وهو جلاء القلوب وصقالها ودواؤها إذا غشيها اعتلالها وكلما ازداد الذاكر في ذكره استغراقا: ازداد المذكور محبة إلى لقائه واشتياقا وإذا واطأ في ذكره