وانظر إلى سلامة صدر الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله حيث قال عن المعتصم يوم فتح عمورية "هو في حل من ضربي" وقال:"كل من ذكرني ففي حل إلا مبتدعاً وقد جعلت أبا إسحاق في حل, ورأيت الله يقول: "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم". وأمر النبي صلى اله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه بالعفو في قصة مسطح. ثم قال:" وما ينفعك أن يعذب الله أخاك في سبيلك؟! ".
(١١) البصيرة في الدعوة إلى الله:
قال تعالى: (قُلْ هََذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَىَ اللّهِ عَلَىَ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: ١٠٨]
والبصيرة هي: قوة الإدراك والفطنة والعلم والخبرة. فمن استقام على دين الله رزق البصيرة في الدين والدعوة فصار يدعو إلى الله على بصيرة ويقين وبرهان وعلم
(١٢) القدرة على الحب الخالص:
نعم فالحب الخالص سمة بارزة وثمرة يانعة من ثمرات الاستقامة على دين الله "
وتأمل في الحديث الآتي:
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
ومن حبه للناس أنه يحب الخير لهم, ويدعوهم إلى الخير. إنه حين يأمر وينهى ويصنع ذلك لأنه يحب للناس الهدى ويحب الخير لهم, وهو كريم ذو مروءة تنفعل نفسه بآلام الناس فيسرع إلى نجدتهم.
(درجات الاستقامة:
الاستقامة على ثلاث درجات كما يلي:
(الدرجة الأولى (الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد):
الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد. لا عادياً رسم العلم، ولا متجاوزاً حد الإخلاص، ولا مخالفاً نهج السنة [منازل السائرين ـ ص ٤٣]
هذه درجة تتضمن ستة أمور:
(١،٢) عملاً واجتهاداً فيه، وهو بذل المجهود.
(٣) اقتصاداً، وهو السلوك بين طرفي الإفراط، وهو الجور على النفوس، والتفريط بالإضاعة.
(٤) وقوفاً مع ما يرسمه العلم لا وقوفاً مع داعي الحال.
(٥) إفراد المعبود بالإرادة، وهو الإخلاص.
(٦) ووقوع الأعمال على الأمر، وهو متابعة السنة.
فبهذه الأمور الستة تتم لأهل هذه الدرجة استقامتهم. وبالخروج عن واحد منها يخرجون عن الاستقامة: إما خروجاً كلياً، وإما خروجاً جزئياً.