للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعيم في الدنيا؛ بما يجعله الله في قلوبهم من السرور وقرة العين، والفرح بالإسلام، وبالإيمان وبالقرآن، وفي البرزخ يفتح للمؤمن باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويصير عليه قبره روضة من رياض الجنة، وفي الآخرة في جنات النعيم، في نعيم مقيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

(٧) نعيم القلب:

أخي لو رأيت أهل الاستقامة بين ساجد لله وراكع, وذليل مخمول متواضع , منكس الطرف من الخوف خاشع , تتجافى جنوبهم عن المضاجع ..

[*] (قال بعض السلف " إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ".

وقد تمثلت في حياة شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقال " أنا جنتي وبستاني في صدري أنى رحت فهي معي , إن قتلي شهادة وسجني خلوة وإخراجي من بلدي سياحة ".

(٨) التسليم:

فأهل الاستقامة مسلِّمين أمرهم لله تعالى يؤدون واجباتهم في الأرض , ويتوكلون على الله في السماء, يستعلون على الدنايا ويتركون مصيرهم إلى الله , يسعون للرزق بكل ما أوتوا من قوة ويتركون النتيجة لله. وينفقون مما أعطاهم الله , ويتركون حساب الغد إلى الله , ويسيرون مع الأقدار , مؤمنين بأنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم , ويحتملون الشدة ويصبرون على الضراء , في سبيل الله , ويرجون من الله الخير.

(٩) الرضا بالمقدور:

المستقيمون رسخ الإيمان بالقدر في نفوسهم فيعلمون أن ما قَدَّره الله عليهم فإنما هو لحكمةٍ بالغةٍ قضاها يستوجب الحمد على اقتضاها , فيرضون تمام الرضا بالمقدور.

كان عروة بن الزبير رحمه الله في سفر فظهرت غرغرينة ثم ترقى به الوجع. وقدم على الوليد وهو في محمل , فقال يا أبا عبد الله اقطعها , قال دونك الطبيب. فقال اشرب المرقد – الخمر – فلم يفعل. فقطعها من نصف الساق , فما زاد أن يقول: حس حس , فقال الوليد ما رأيت شيخاً قط أصبر من هذا ... وأصيب عروة بابنه محمد في ذلك السفر , ركضته بغلة في اصطبل , لم يسمع منه في ذلك كلمة.

فلما كان بوادي القرى قال: " لقد لقينا من سرنا هذا نصبا " اللهم كان لي بنون سبعة , فأخذت واحداً وأبقيت لي ستة , وكان لي أطراف أربعة , فأخذت طرفاً وأبقيت ثلاثة , ولئن ابتليت لقد عافيت , ولئن أخذت لقد أبقيت.

(١٠) سلامة الصدر:

ومن ثمرات الاستقامة على دين الله سلامة الصدر , وعدم حمل الغل والبغضاء لعباد الله المؤمنين , فهو يحب لهم ما يحب لنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>