(علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف).
وقد سئل الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- عن الرجل يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر هو يظن أن لا يطاع في ذلك ممن لا يخاف مثل الجار، والأخ.
قال: ما أري بذلك بأسًا ولا سيما إذا رفق به، فإن الله -تعالي- ربما ينفع بذلك.
قال تعالي: {فقولا له قولًا لَّينا لَّعلَّه يتذكَّر أو يخشي}.
لقد علم الله - سبحانه- أن فرعون لا يتذكر ولا يخشي، وإنما قص الله علينا قصته، لتكون سنة. فإذا كان الله- تعالي- أمر كليمه موسي وأخاه هرون - عليهما السلام- أن يذهبا إلي فرعون عدوه، ويقولا له قولًا لينًا فكيف من قد جعل الله في قلوبهم الإيمان وإن ابتلاهم بالمعاصي؟ فهم أولي أن يرفق بهم ويتعطف عليهم، لعل الله تعالي يستنفذهم مما هم فيه.
وأنشدوا
ألم تر أن الله يرحم خلقه ... وإن قصروا في حقه فهو يفضل
ففرعون يؤذيه بضيم عباده ... من شا يستحي ومن شا يقتل
ويزعم أن لا رب للخلق غيره ... ويفتنهم عن دينهم ويضلل
ومع ذاك أوصي الله موسي كليمه ... وهرون رفقًا منه والرفق أجمل
فقولا له قولًا من الوعظ لينًا ... عساه لما أبدي من النصح يقبل
إذا كان هذا لطفه بعدوه ... فما تراه (بعد ذا) بالأحبة يفعل
وقال إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني -رحمه الله-: الشرع من أوله إلي آخره أمر بالمعروف ونهي عن المنكر والدعاء إلي ذلك يثبت لكافة المسلمين إذا قدموا علي بصيرة. وليس للرعية إلا المواعظ والترغيب والترهيب.
وقال أبو حامد الغزالي -رحمه الله- ينبغي للآمر بالمعروف أن يعظ ويخوف بالله -تعالي- ويورد علي المأمور الأخبار الواردة بالوعيد غي ذلك، وذلك لمن يقدم علي المنكر وهو عالم بكونه منكرًا، كالذي يواظب علي الشرب أو علي الظلم أو علي اغتياب المسلم أو