قَالُوا يِئْبَى فَلَمَّا جَاءَ شاذّاً عَن بَابه على يفْعَل خُولِفَ بِهِ كَمَا قَالُوا يَا أَللهُ، وَقَالُوا لَيْسَ وَلم يَقُولُوا لاسَ فَكَذَلِك يِحِبُّ لم يَجئ على أفْعلْت فجَاء على مَا لَا يستَعْمَل، كَمَا أَن يَدَع ويَذَر على وَدَعْت ووَذَرْت وَإِن لم يسْتَعْمل فعلوا هَذَا بِهَذَا لكثرته فِي كَلَامهم. وَاعْلَم أَن فِي نِحِبُّ قَوْلَيْنِ أَحدهمَا مَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِن أَصله حَبَّ وَإِن لم يسْتَعْمل فِي حَبَّ، وَقد تقدم القَوْل بِأَن حَبَّ قد يسْتَعْمل وَذكرت فِيهِ مَا رُوِيَ عَن أبي رجاءٍ العُطارِديّ (قل إنْ كُنْتُمْ تُحِبّونَ الله فاتَّبِعوني يُحْبِبْكُمُ الله) وشعراً أُنْشِدَ فِيهِ وَمِمَّا أنْشد فِيهِ غير ذَلِك قَول بعض بني مازنٍ من تَمِيم: حِبُّ شبَّهوه بمِنْتِن وَإِنَّمَا جَاءَت على فَعَلَ وَإِن لم يَقُولُوا حَبَبْتَ وَقَالُوا يِحِبُّ كَمَا قَالُوا يِئْبَى فَلَمَّا جَاءَ شاذّاً عَن بَابه على يفْعَل خُولِفَ بِهِ كَمَا قَالُوا يَا أَللهُ، وَقَالُوا لَيْسَ وَلم يَقُولُوا لاسَ فَكَذَلِك يِحِبُّ لم يَجئ على أفْعلْت فجَاء على مَا لَا يستَعْمَل، كَمَا أَن يَدَع ويَذَر على وَدَعْت ووَذَرْت وَإِن لم يسْتَعْمل فعلوا هَذَا بِهَذَا لكثرته فِي كَلَامهم. وَاعْلَم أَن فِي نِحِبُّ قَوْلَيْنِ أَحدهمَا مَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِن أَصله حَبَّ وَإِن لم يسْتَعْمل فِي حَبَّ، وَقد تقدم القَوْل بِأَن حَبَّ قد يسْتَعْمل وَذكرت فِيهِ مَا رُوِيَ عَن أبي رجاءٍ العُطارِديّ (قل إنْ كُنْتُمْ تُحِبّونَ الله فاتَّبِعوني يُحْبِبْكُمُ الله) وشعراً أُنْشِدَ فِيهِ وَمِمَّا أنْشد فِيهِ غير ذَلِك قَول بعض بني مازنٍ من تَمِيم: لَعَمْرُكَ إنَّني وطِلابَ مِصْرٍ لّكالمُزْداد مِمَّا حَبَّ بُعدا وَكَانَ حَقه على مَا قدَّره سِيبَوَيْهٍ أَن يُقَال يَحِبُّ بِفَتْح الْيَاء ولكنَّه أتْبَعَ الياءَ الحاءَ. وَقَالَ غَيره: يِحِبُّ بِالْكَسْرِ أَصله يُحِبُّ من قَوْلنَا أحَبَّ يُحِبُّ وشذوذه أَنهم أتبعوا الْيَاء المضمومة الحاءَ كَمَا قَالُوا مِغِيرة وَالْأَصْل مُغيرة فكَسروه من مضموم وَهَذَا القَوْل أعجب إليّ لِأَن الكسرة بعد الضمّة أثقل وأقلّ فِي الْكَلَام فالأَولى أَن يُظَنَّ أَنهم اخْتَارُوا الشاذَّ عُدولاً عَن الأثقل، وَمن حجّة سِيبَوَيْهٍ أَنهم قَالُوا يِئْبَى وَالْأَصْل يَأْبَى فقد كسروا المفتوح وَإِنَّمَا كسروا فِي يِئْبَى وحقّ الْكسر أَن يكون فِي أَوَائِل يَفعَل مِمَّا ماضيه على فَعِل إِذا كَانَ الأوّل تَاء أَو نونا أَو ألفا وَلَا تدخل على الْيَاء، تَقول فِي عَلِمَ أَنْتَ تِعْلَم وأَنا إِعْلَم وَنحن نِعْلَم وَلَا يَقُولُونَ زيدٌ يِعْلَم وسترى ذَلِك فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا إِن شَاءَ الله فَصَارَ يِئْبَى شاذّاً من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن أبَى يأبَى شَاذ وَكسر الْيَاء فِيهِ شَاذ، وَعند سِيبَوَيْهٍ أَنه رُبمَا شذَّ الْحَرْف فِي كَلَامهم فَخرج عَن نَظَائِره فيُجَسِّرُهم ذَلِك على ركُوب شذوذ آخر فِيهِ فَمن ذَلِك قَوْلهم أَيْضا يَا ألله لَيْسَ من كَلَامهم نِدَاء مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام قطعُوا الْألف فَخَرجُوا عَن نَظَائِره من الْوَجْهَيْنِ وَلم يَقُولُوا فِي ليسَ لاسَ وَكَانَ حَقه أَن يُقَال لِأَنَّهُ فعل مَاض وثانيه يَاء وَهُوَ على فَعِل وَإِذا تحرَّكت الْيَاء وَقبلهَا فَتْحة قلبوها ألفا كَمَا قَالُوا هابَ ونالَ وَأَصله هَيِبَ ونَيِلَ فَقَوْلهم لَيْسَ شَاذ، وَكَذَلِكَ قَوْلهم يَدَعُ ويَذَرُ لم يستعملوا فِيهِ وَذَرْتُ وَلَا وَدَعْتُ وتركهم ذَلِك من الشاذ، وَأما أَجيءُ ونحوُها فعلى الْقيَاس وعَلى مَا كَانَت تكون عَلَيْهِ لَو أتمُّوا يَعْنِي أَنه يفتح الْألف فِي أَجيءُ وَلَا يكون مثل يِحِبُّ وإحِبُّ لِأَن هَذَا شَاذ ويجيءُ وأَجيءُ وَنَحْو هَذَا جَاءَ على مَا يَنْبَغِي أَن يكون.
هَذَا بَاب مَا يُكْسَر فِيهِ أوائلُ الْأَفْعَال المضارعة للأسماء كَمَا كسَرْتَ ثَانِي الْحُرُوف حِين قلت فَعِل وَذَلِكَ فِي لُغَة جَمِيع الْعَرَب إِلَّا أهل الْحجاز
وَذَلِكَ قَوْلك أَنْت تِعْلَم وَأَنا إعلَم ذَاك وَهِي تِعْلَم ذَاك وَنحن نِعْلَم ذَاك، وَكَذَلِكَ كل شَيْء قلت فِيهِ فَعِل من بَنَات الْيَاء وَالْوَاو الَّتِي الْيَاء وَالْوَاو فِيهِنَّ لَام أَو عين والمضاعف وَذَلِكَ قَوْلك شَقِيت وَأَنت تِشْقَى وخَشيتُ فَأَنا إخْشى وخِلْنا فَنحْن نِخال وعَضِضْتُنَّ فأنتنَّ تِعْضَضْنَ وأنتِ تِعَضِّين لِأَن خالَ أَصله خَيِل وعَضَّ أَصله عَضِضْت وَإِنَّمَا كسروا هَذِه الْأَوَائِل لأَنهم أَرَادوا أَن تكون أوائلها كثواني فَعِل كَمَا ألزموا الْفَتْح مَا كَانَ ثَانِيه مَفْتُوحًا فِي فعَل يَعْنِي أَنهم فتحُوا أول الْمُسْتَقْبل فِيمَا كَانَ الثَّانِي مِنْهُ مَفْتُوحًا كَقَوْلِك ضَرَبْتَ تَضْرِبُ وقَتَلْت تَقْتُل وأجرَوا أَوَائِل الْمُسْتَقْبل على ثواني الْمَاضِي فِي ذَلِك وَلم يُمكنهُم أَن يكسروا الثَّانِي من الْمُسْتَقْبل كَمَا كسروه من الْمَاضِي لِأَن الثَّانِي يلْزمه السّكُون فِي أصل البنية فَجعل ذَلِك فِي الأوّل وَجَمِيع هَذَا إِذا قلت فِيهِ يَفْعَل فأدخلْت الْيَاء فَتَحْتَ وَذَلِكَ انهم كَرهُوا الكسرة فِي الْيَاء حَيْثُ لم يهابوا انتقاضَ معنى فيحتملوا ذَلِك كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute