فِي فَعِيل وَلَا فَعِل إِذا كَانَ كَذَلِك كسرت الْفَاء فِي لُغَة تَمِيم وَذَلِكَ قَوْلك لئيم ونحيف ورغيف وبخيل وبَئِس ومَحِك وبَعِل ونَغِل ولَعِبَ ورَحِمَ ووَخِمَ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ صفة أَو فعلا أَو اسْما وَذَلِكَ قَوْلك رجلٌ لَعِبٌ ورجلٌ مِحِك وَهَذَا ماضغٌ لِهِمٌ، والِّلهِمُ: الْكثير البلع، وَهَذَا رجلٌ وِغِل أَي طُفَيْلِيٌّ كثير الدُّخُول على من يشرب من غير أَن يُدعى، ورجلٌ جِئِزٌ: وَهُوَ الَّذِي يَغَصُّ بِمَا يَأْكُل، والجَأَز: الغَصَصُ، وَهَذَا عَيْرٌ نِعِرٌ وَهُوَ الصَّيّاح وفِخِذ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي هَذِه الْحُرُوف لِأَن هَذِه الْحُرُوف قد فعلت فِي يَفْعل مَا ذكرت لَك حَيْثُ كَانَت لامات من فتح الْعين وَلم تَفْتَح هِيَ أنفسَها هَهُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام فَعَيْل وكراهية أَن يلتبس فَعِلَ بفَعَلَ فَيخرج من هَذِه الْحُرُوف فَعِلَ فلزِمَها الْكسر هَهُنَا وَكَانَ أقرب الْأَشْيَاء إِلَى الْفَتْح وَكَانَت من الْحُرُوف الَّتِي تقع الفتحة قبلهَا لما ذكرت لَك فكَسَرْتَ مَا قبلهَا حَيْثُ لَزِمَها الكَسْر وَكَانَ ذَلِك أخَفَّ عَلَيْهِم حَيْثُ كَانَت الكسرة تشبه الْألف فأرادوا أَن يكون العملَ من وَجه وَاحِد وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا فِي هَذِه الْحُرُوف حَيْثُ كَانَت تفعل فِي يفْعَل مَا ذكرنَا فَصَارَت لَهَا قوَّة فِي ذَلِك لَيست لغَيْرهَا. وَاعْلَم أَن حُرُوف الْحلق لما أثَّرَت فِي يفعَل إِذا كَانَ وَاحِد مِنْهَا فِي مَوضِع عين الْفِعْل أَو لامه وَكَانَ الْفِعْل الْمَاضِي على فَعَل فَجَوَّزَتْ أَن يُصَيَّر على يَفْعَل مَا حقُّه أَن يَأْتِي على يفعِل أَو يفْعُل على مَا مضى من شَرحه قبل هَذَا الْبَاب جُعِلَتْ هَذِه الْحُرُوف فِي فَعِل وفَعيل مُجَوِّزَة تَغْيِير ذَلِك وَإِن كَانَ التغييران مُخْتَلفين وَذَلِكَ أَن التَّغْيِير فِي يفْعل أَن تفتح مَا لَيْسَ حَقه الْفَتْح وَفِي هَذَا أَن يُكْسَر مَا لَيْسَ حَقه الكَسر لِأَن كسر الْفَاء فِي فَعِلَ وفَعِيل من أجل حرف الْحلق. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لم تَفتح هِيَ أنفسَها يَعْنِي حُرُوف الْحلق فِي فَعيل لِأَنَّهَا لَو فتحَتْ نفسَها لوَجَبَ أَن تَقول فَعَيْل فَتَقول فِي بَخِيل بَخَيْل وَفِي شَهِيد شَهَيْد كَمَا قُلْنَا يشْحَب وفتحناه لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام فَعَيْل وَلَو قُلْنَا شَهَيْد لَكَانَ بِنَاء خَارِجا عَن الْكَلَام، وَإِذا قُلْنَا يشْحَب ففتحناه من أجل حرف الْحلق فَفِي الْكَلَام لَهُ نَظِير كَقَوْلِنَا يعْمَل ويَفْرَق وَلَو فَتَحَت نَفسهَا فِي فَعِلَ لَخَرَجَت إِلَى فعَلَ فَكَانَ يبطل أَن يُوجد فَعِلُ مِمَّا حرف الْحلق ثَانِيه وَكَانَ أَيْضا يَقع لَبسٌ بَين مَا أَصله فَعَل وَمَا أَصله فَعِل وكُسِرَ الأوّل إتباعاً للثَّانِي وَلِأَن الْكسر قريب من الْفَتْح وَالْيَاء تشبه الْألف وأَتْبَعوا الأوّل فِي انْكَسَرَ الثانيَ كَمَا يُتْبِعون الأوّل الثانيَ فِي الْإِدْغَام، وَأهل الْحجاز لَا يغيِّرون الْبناء وَلَا يَقُولُونَ فِي شَهِيد إِلَّا بِفَتْح الأوّل وَكَذَلِكَ فِي شَهِد، وَمن قَالَ شَهِد فخفَّف قَالَ شَهْد وَمن قَالَ شَهِدَ قَالَ شِهْدَ، وعامّة الْعَرَب قَالُوا فِي نِعمَ وبِئْسَ بِكَسْر الأوّل كَأَنَّهُمْ اتَّفقُوا على لُغَة تَمِيم وأسكنوا الثَّانِي، وَإِذا كَانَ الْبناء على فَعُل أَو فَعُول لم يغيِّروا إِذا كَانَ الثَّانِي من حُرُوف الْحلق كَقَوْلِهِم رَؤُفٌ ورَؤوفٌ وَلَا يَقُولُونَ رُؤُفٌ وَلَا رُؤُوفٌ استثقالاً للضمَّتين ولبعد الْوَاو من الْألف، كَمَا أَنَّك تَقول مَنْ مِثْلُكَ فتجعل النُّون ميماًً وَلَا تَقول هَمْ مِثْلُك فتجعل اللَّام ميماً لِأَن النُّون لَهَا بِالْمِيم شَبَهٌ لَيْسَ للاّم. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول بِيْسَ فَلَا يُحَقّق الْهمزَة كَمَا قَالُوا شِهْد فخفَّفوا وَتركُوا الشين على الأَصْل يُرِيد أَن الْهمزَة قد يُترَك تحقيقها وَلَا يتغيَّر كَسر الأوّل وَكَذَلِكَ شِهْدَ إِنَّمَا كُسِرت الشين لكسرة الْهَاء فِي الأَصْل وَلما سكنت الْهَاء لم يغيَّر كسر الشين لِأَن النيَّة كسرُ الْهَاء وتحقيقُ الْهمزَة وَإِن كَانَ قد لحقه هَذَا التَّخْفِيف. قَالَ: وَأما الَّذين قَالُوا مِغِيرة ومِعينٌ فَلَيْسَ على هَذَا ولكنَّهم أَتبعوا الكسرة الكسرَة كَمَا قَالُوا مِنْتِن وأُنْبُؤُك وأَجُوؤُك يُرِيد أُنْبِئُك وأَجيئُك يُرِيد أَن هَذَا شاذٌّ وَلَا يطَّرد فِيهِ قياسٌ وَلَيْسَ من أجل حرف الْحلق مَا عُمِل ذَلِك ولكنَّه كثُر فِي كَلَامهم فأتْبعوا الْحَرْف خاصَّةً، وَلَا يَقُولُونَ فِي مُجير مِجِير وَلَا فِي مُعينة مِعِينة وَلَا فِي أَبيعُك أَبوعُكَ وَلَا فِي أُرْبِحُك أُرْبُحُكَ، وَقَالُوا فِي حرفٍ شاذٍّ إحِبُّ ويِحِبُّ ونِحِبُّ شبَّهوه بمِنْتِن وَإِنَّمَا جَاءَت على فَعَلَ وَإِن لم يَقُولُوا حَبَبْتَ وَقَالُوا يِحِبُّ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute