للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقام على رجليه فى الدمع غارقا … يراعى نجوم الليل من وحشة الفقد

وظل على الأقدام تحسب أنه … لطول انتظار من حبيب على وعد

وفي مرح البحرين جم عجائب … تلوح وتبدوا من قريب ومن بعد

كان التقاء النيل بالبحر إذ غدا … مليكان سارا فى الحجر أقل من جند

فكلاكما باتا وما برحا كذا … مد الدهر فى حرب عظيم وفى جهد

وفي البرزخ الماءنوس كم لى خلوة … وعند شطا عن أيمن العلم الفرد

وكم قد نعمنا بالبساتين نزهة … يعيش هنى فى أمان وفى سعد

هناك ترى ما يطرد الهم والغناء … من الروض والأنهار والغصن المد

فيارب هييء لى بفضلك عودة … ومن بها فى غير بلوى ولا جهد

وبدمياط مسجد الفتح الذى أسسه المسلمون عند فتح مدينة دمياط، أول ما فتح الله أرض مصر على يد عمرو بن العاص وعلى بابه مكتوب بالقلم الكوفى أنه عمر بعد سنة تسعين من الهجرة، وفيه عدة عواميد رخام كثيرة، والآن يعرف بمزار سيدى فتح الأسمر رحمة الله عليه وذلك لنزوله فيه، فمشى على لسان الأعوام بمسجد سيدى فتح، وهو فاتح بن عثمان الأسمر التكرورى، قدم من مراكش إلى دمياط على سبيل التجريد وكان يسقى بدمياط الماء فى الأسواق احتسابا من غير أن يتناول من أحد شيئا، وكان يلازم الصلاة مع الجماعة، وأقام بحيرة تنيس وهى خراب نحو سبع سنين ثم عاد إلي دمياط فكان لا يرى وقت الصلاة، وإذا سلم الإمام عاد إلى انعكافه فلا يخالط الناس فيما هم فيه من أمر الدنيا، فلما نزل بمسجد الفتح وكان قد خرب منذ سنين وهو مقفول فرممه وبناه علي سبيل التجريد، فتح الله بعمارته على يد سيدى فتح، وكان يقول: لو علمت بدمياط مكانا أفضل من هذا المسجد لأقمت به، ولو علمت بلدا يكون الفقير فيه أجمل من دمياط لرحلت إليه وأقمت به. وكان إذا ورد عليه من الفقراء ولا يجد ما يطعمه باع ثوبه ولا يقبل من الناس شيئا، وكان سلوكه على طريقة

<<  <   >  >>