قال الكندى: لما جاز المسلمون الحصن بما فيه فعول عمرو بن العاص على المسير إلى الإسكندرية فسار إليها فى شهر ربيع الأول سنة عشرين من الهجرة فحاصر أهلها ثلاثة أشهر ولح عليهم فخافوه وسأله المقوقس فى الصلح.
قال ابن لهيعة: وكان سبب فتحها أن رجلا يقال له ابن بسامة وكان بوابا على الإسكندرية فسأل عمرو بن العاص أن يؤمنه على نفسه وأهل بيته وهو يفتح له الباب فأجابه عمرو إلى ذلك ففتح له ابن بسامه الباب، فدخل عمرو وكان عدة من قتل من المسلمين من حين قدم عمرو بن العاص إلى حين فتحت أثنان وعشرون رجلا، وكان كل رجل منهم مقام ألف رجل حقيقة وذلك قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁، وقد أيطا عليه خبر الفتح، فكتب إلى عمرو بن العاص إنى قد وجهت معك جيش كل رجل مقوم بألف رجل فإذا أتاك كتابى هذا فاخطب بالناس وحضهم على قتال عدوهم ورغبهم فى الصبر والنية وأن يكون لهم صدمة كصدقة رجل واحد ويكون ذلك عند الزوال من يوم الجمعة، فإنها ساعة ترك الرحمة فيها ووقت إجابة فلما أتى عمرو بن العاص كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب جمع المسلمين كلهم وقرأ عليهم الكتاب وأمرهم أن يدعوا إلى الله عند الزوال من يوم الجمعة كما أمرهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ ففعلوا ذلك، ففتح الله عليهم فلما فتحت الإسكندرية أرسل عمرو بن العاص بنشر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بالفتح، وكان الذى أرسله رجل يسمى معاوية بن خديج، فقدم إلى المدينة الشريفة وقت الظهر، فلما دخل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقال له: ما عندك يا معاوية. فقال: خير يا أمير المؤمنين إلى المسجد قد فتح الله علينا الإسكندرية. فخرج أمير المؤمنين إلى المسجد وأمر للمؤذن إذن فى الناس الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فصلى بهم أمير المؤمنين ركعتين شكرا لله تعالى وصلى بهم على من مات من المسلمين فى ذلك الفتح.
وكان الذى كتبه عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: أما بعد فإنى فتحت مدينة لا أقدر أصف ما فيها غير إنى وجدت فيها أربعة آلاف دار بأربعة آلاف حمام ووجدت بها أثنا عشر ألف بقال يبيعون البقل الأخضر وكان فيما أحصى من الحمامات الذى