للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ، أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ ثُم يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضُ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)﴾» (١). وفي رواية: «فَأَنْزَلَ الله ﷿: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾» (٢). وكذا قال ابن عباس ومجاهد وغيرهم، واختاره ابن جرير وحكى عليه الإجماع» (٣).

وأما فضائله في السُّنة فهي كثيرة، فمن ذلك أنه يوم المغفرة، وصيامه يكفر سنتين، ويشرع صيامه لغير الحاج روى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة أن النبي قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» (٤).

وروى المنذري في كتابه الترغيب والترهيب عن ابن المبارك عن سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال: وقف النبي بعرفات وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: «يَا بِلالُ! أَنْصِتِ لِيَ النَّاسَ»، فَقال: «مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَتَانِي جِبْرِيلُ آنِفًا، فَأَقْرَانِي مِنْ رَبِّيَ السَّلَامَ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لِأَهْلِ عَرَفَاتٍ وَأَهْلِ الْمَشْعَرِ، وَضَمِنَ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ»، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا لَنَا خَاصَّةً؟ قَالَ: «هَذَا لَكُمْ وَلِمَنْ أَتَى مِنْ بَعْدِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، فَقَالَ عُمَرُ: كَثُرَ واللهِ خَيْرُ اللهِ وَطَابَ (٥).

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، ونسألك موجبات رحمتك،


(١) صحيح البخاري برقم ٤٥٢٠، وصحيح مسلم برقم ١٢١٩.
(٢) صحيح البخاري برقم ١٦٦٥.
(٣) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٥٩ - ٢٦٠).
(٤) صحيح مسلم برقم ١١٦٢، وسنن الترمذي برقم ٧٤٩ واللفظ له.
(٥) (٢/ ١٥٧) برقم ١٧٣٧، قال الحافظ ابن حجر : إن ثبت سنده إلى ابن المبارك فهو على شرط الصحيح اه، نقله السيوطي في اللآلي (٢/ ١٠٤)، قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تعليقه على صحيح الترغيب والترهيب: وظني أنه لو لم يثبت سنده إلى ابن المبارك ما جزم المؤلف بنسبته إليه كما هو ظاهر، ومع ذلك فله شواهد خرجتها في الصحيحة برقم ١٦٢٤، والله تعالى أعلم (٢/ ٣٣) برقم ١١٥١.

<<  <   >  >>