للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متتابعة أدت في النهاية للفتح الكبير فتح مكة، قال تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)[سورة الإسراء، الآية رقم: ٨١]، وقد حصلت فيها الكثير من المعجزات والكرامات أكتفي باثنين منها.

أولاً: نزول المطر عليهم ليلاً بالقدر الذي يحتاجونه من غير زيادة ولا نقصان روى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي وهو يحدث عن ليلة بدر قال: أصابنا من الليل طش من مطر، فانطلقنا تحت الشجر والحجف -أي الترس- نستظل تحتها من المطر وبات رسول الله يدعو ربه (١).

قال ابن القيم : «أنزل الله ﷿ في تلك الليلة مطراً واحداً، فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طلاً طهرهم به، وأذهب عنهم رجس الشيطان، ووطّأ به الأرض، وصلّب الرمل، وثبّت الأقدام ومهّد به المنزل (٢).

ثانياً: سماع المشركين كلام النبي وخطابه وهم أموات في القليب، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي طلحة : «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ (٣) مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ، خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ


(١) (٢/ ٢٦٠) برقم ٩٤٨ وقال محققوه إسناده صحيح.
(٢) زاد المعاد (٣/ ١٧٥).
(٣) الأطواء: جمع طوي وهو البئر التي طويت وبُنيت بالحجارة، لتثبت ولا تنهار، فتح الباري (٧/ ٣٠٢).

<<  <   >  >>