للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثقة، قال أبو حاتم: "يحيى بن أبي كثير: إمام لا يحدث إلا عن ثقة" [الجرح (٩/ ١٤٢)].

فهذه المراسيل الثلاثة تعضد وتقوي حديث أى بكرة الصحيح، وتبعد احتمال التأويل عنه، فقد حمل بعضهم قوله: "كبَّر" على إرادة التكبير، وأنه انصرف قبل الدخول في الصلاة لما أراد أن يكبر، وهو احتمال ضعيف مخالف للنص الصريح: أنه - صلى الله عليه وسلم - استفتح الصلاة فكبَّر، ثم أومأ إليهم أن مكانكم.

• ومما روي في معنى حديث أبي بكرة:

١ - ما رواه وكيع بن الجراح، وعبد الله بن موسى التيمي، عن أسامة بن زيد الليثي المدني، عن عبد الله بن يزيد -مولى الأسود بن سفيان-، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى الصلاة، فلما كبر انصرف، -وأومأ إليهم- أي: كما أنتم-، ثم خرج فاغتسل، ثم جاء ورأسه يقطر، فصلى بهم، فلما صلى قال: "إني كنت جنبًا، فنسيت أن أغتسل".

أخرجه ابن ماجه (١٢٢٠)، والشافعي في الأم (٢/ ٣٢٨ و ٣٥١/ ٣٢٧ و ٣٦١) و (٨/ ٤٠٢/ ٣٢٩٢)، وأحمد (٢/ ٤٤٨)، والدارقطني (١/ ٣٦١)، والبيهقي (٢/ ٣٩٧ و ٣٩٧ - ٣٩٨).

قلت: وهذا إسناد مدني حسن، رجاله رجال مسلم؛ إلا أنه أخرج لابن ثوبان وأسامة بن زيد في الشواهد والمتابعات، لا في الأصول.

وفي تفرد أسامة بن زيد -وهو الليثي مولاهم، وهو: صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث- في تفرده بهذه اللفظة: "فلما كبَّر انصرف" من حديث أبي هريرة: نظر.

ولا ننكر عليه تفرده بهذا الإسناد لأمرين:

الأول: أنه تفرد به عن أهل بلده، ولا حرج في ذلك، إذ ليس هو من الغرباء.

الثاني: أن أبا حاتم الرازي سئل عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان؟ فقال: "ثقة، لا بأس به"، قيل له: حجة؟ قال: "إذا روى عنه يحيى بن أبي كثير، ومالك بن أنس، وأسامة بن زيد: فهو حجة" [الجرح والتعديل (٥/ ١٩٨)].

وعلى هذا فلا يضره تفرده عن عبد الله بن يزيد، بل هو فيه ثبت.

وإنما قلنا بنكارة هذه اللفظة: "فلما كبَّر انصرف، من حديث أبي هريرة، ولا يحتمل تفرد أسامة بها؛ لأن ابن شهاب الزهري قد روى هذا الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: أقيمت الصلاة فقمنا فعدلنا الصفوف، قبل أن يخرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر، ذكر فانصرف، وقال لنا: "مكانكم"، فلم نزل قيامًا ننتظره، حتى خرج إلينا وقد اغتسل، ينطف رأسه ماءً، فكبَّر فصلى بنا.

وهذا إسناد صحيح كالشمس لا غبار عليه، أخرجه به الشيخان [البخاري (٦٣٩) بنحوه، مسلم (٦٠٥) بلفظه]، وفيه أنه انصرف قبل أن يكبر، وهو المحفوظ من حديث أبي هريرة، وسيأتي تخريجه لاحقًا برقم (٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>