المتقنون الأثبات: أبو كامل مظفر بن مدرك، وعمرو بن خالد الحراني، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأحمد بن عبد الله بن يونس، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وأبو نعيم الفضل بن دكين الملائي، وعلي بن الجعد، ويحيى بن آدم، والحسن بن موسى الأشيب.
وهؤلاء تسعة من الثقات الأثبات المتقنين.
• خالفهم أبو جعفر الطحاوي أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي، فرواه عن فهد بن سليمان بن يحيى أبي محمد الكوفي نزيل مصر، قال: ثنا أبو غسان [يعني: مالك بن إسماعيل النهدي]، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: أتيت الأسود بن يزيد وكان لي أخًا وصديقًا، فقلت: يا أبا عمرو حدثني ما حدثتك عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين ... ، فساق الحديث بمثل رواية الجماعة إلى أن قال في آخره: وإن كان جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة.
قال أبو جعفر "فهذا الأسود بن يزيد قد أبان في حديثه لما ذكرناه بطوله أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة، وأما قولها: فإن كانت له حاجة قضاها، ثم ينام قبل أن يمس ماءً: فيحتمل أن يكون قدر ذلك على الماء الذي يغتسل به لا على الوضوء".
وكان قال قبل ذلك:"وقالوا: هذا الحديث غلط" لأنه حديث مختصر، اختصره أبو إسحاق من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه" [شرح معاني الآثار (١/ ١٢٥)].
ولا أدري على من العهدة في هذا الخطأ: أما مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي، فإنه: ثقة متقن، صحيح الكتاب.
وأما فهد بن سليمان بن يحيى أبو محمد المصري: قال عنه ابن يونس: "وكان ثقة ثبتًا" [تاريخ دمشق (٤٨/ ٤٦٠)، الجرح والتعديل (٧/ ٨٩)، وقال: "كتبت فوائده، ولم يقض لنا السماع منه". مغاني الأخيار (٢/ ٨٣٠)].
وأما أبو جعفر الطحاوي: فقال عنه ابن يونس: "كان ثقة ثبتًا فقيهًا عاقلًا، لم يخلف مثله"، وقال سلمة بن قاسم: "كان ثقة، جليل القدر، فقيه البدن ... " [اللسان (١/ ٣٠٠)، السير (١٥/ ٢٧)، ونعته بقوله: "الإمام العلامة الحافظ الكبير، محدث الديار المصرية وفقيهها"].
لكن قوله في حديث زهير: "وإن كان جنبًا توضأ" وهم بلا شك ولا ريب، والمحفوظ ما رواه واتفق عليه جماعة الحفاظ المتقنين: "وإن لم يكن جنبًا توضأ".
لكن يبدو أن ابن حزم اعتمد في رواية زهير على هذه الرواية الخاطئة المحرفة فاعتبرها مخالفة لرواية سفيان الثوري، وهما متفقتان، فقال في المحلى (١/ ٨٧): "فإن قيل: إن هذا الحديث أخطأ فيه سفيان لأن زهير بن معاوية خالفه فيه، قلنا: بل أخطأ بلا شك مَن خطَّأ سفيان بالدعوى بلا دليل، وسفيان أحفظ من زهير بلا شك، وبالله تعالى التوفيق".