وعلى هذا فلا يظهر سبب واضح للترجيح بين روايتهما، لا سيما وهما كوفيان يرويان عن شيخ كوفي.
فإذا بحثنا عن سبب خارجي يصلح للترجيح، وجدنا أن رواية علي بن مدرك عن أبي زرعة، قد تابعه عليها: شرحبيل بن مدرك [وهو: ثقة]، فرواه عن ابن نجي، عن أبيه، عن علي.
بينما رواية الحارث العكلي عن أبي زرعة لم يتابعه عليها سوى جابر الجعفي، وهو: متروك.
وعلى هذا فإن رواية من قال: عن عبد الله بن نجي، عن أبيه، عن علي: هي المحفوظة، ووهم من أسقط نجيًا من الإسناد، وكذا من صرح بسماع عبد الله بن نجي من علي.
وقد اغتر بهذه الطرق التي فيها التصريح بالسماع: البزار حيث قال في مسنده (٣/ ١٠٢): "عبد الله بن نجي وأبوه: سمعا من علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -".
ومما يؤكد أن رواية من زاد أباه نجيًا في الإسناد هي المحفوظة:
١ - قول ابن معين: "لم يسمع من علي، بينه وبينه أبوه" [التهذيب].
٢ - قول البخاري في ترجمة عبد الله بن نجي من التاريخ الكبير (٥/ ٢١٤): "عبد الله بن نجي الحضرمي، عن أبيه، عن علي - رضي الله عنه -. قاله شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة: فيه نظر".
فلو كان قد صح عنده سماع لعبد الله بن نجي من علي لما أهمل ذكره، ومعلوم اهتمام البخاري بذكر سماع الراوي من شيوخه الذين سمع منهم، ففي هذا إشارة إلى أن طريق شعبة ومن وافقه هو المحفوظ.
٣ - قول الدارقطني في العلل (٣/ ٢٥٨): "ويقال: إن عبد الله بن نجي لم يسمع هذا من علي، وإنما رواه عن أبيه عن علي، وليس بقوي في الحديث".
• وعلى هذا: فإن هذا الحديث ضعيف، لا يصح:
عبد الله بن نجي: قال البخاري: "فيه نظر"، وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث هذا منها: "وأخباره فيها نظر"، وقال الدارقطني: "وليس بقوي في الحديث"، وقال الشافعي في مناظرته مع محمد بن الحسن في الشاهد واليمين: "إنما رواه عن علي رجل مجهول، يقال له: عبد الله بن نجي"، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال النسائي والعجلي: "ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات.
[التاريخ الكبير (٥/ ٢١٤)، الكامل (٤/ ٢٣٤)، علل الدارقطني (٣/ ٢٥٨)، تاريخ بغداد (٢/ ١٧٨)، الثقات (٥/ ٣٠)، معرفة الثقات (٩٨٤)، ضعفاء العقيلي (٢/ ٣١٢)، التهذيب (٢/ ٤٤٥)، الميزان (٢/ ٥١٤)، التقريب (٣٤٦)، وقال: "صدوق"، قلت: بل الأكثر على تضعيفه].