كذا أخرجه مسلم في صحيحه خاتمًا به الباب الذي صدره بالرواية المتفق عليها، ويأتي تخريجها، وصححه ابن خزيمة، وأبو عوانة.
لكن قد أعلوه بعلل:
قال البزار: ولا نعلم روى سليمان بن يسار عن ابن عباس عن علي إلا هذا الحديث، ولا له إسناد إلا هذا الإسناد.
وقال الدارقطني في الأفراد: تفرد به مخرمة بن بكير عن أبيه بهذا الإسناد، ولا نعلم رواه عنه غير عبد الله بن وهب.
هذه علة.
وعلة ثانية: قال النسائي بعد حديث ابن وهب هذا: مخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا.
وبهذا قال أحمد، وابن معين، وابن المديني، وحماد بن خالد الخياط، وموسى بن سلمة، وابن حبان [انظر: تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (٤٥٩) (٣/ ٩٩٩) و (٥٢٩) (٣/ ١٠٨١ - ١٠٨٢)].
وروايته عن أبيه إنما هي من كتاب أبيه وجادة.
وعلة ثالثه: قال الدارقطني في التتبع (١٣٦): وأخرج مسلم حديث: ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، قال: قال على: أرسلت المقداد ... في حديث المذي.
وقال حماد بن خالد: سألت مخرمة: سمعت من أبيك شيئًا؟ قال: لا.
وقد خالفه الليث عن بكير عن سليمان، فلم يذكر ابن عباس، وتابعه مالك عن أبي النضر أيضًا. [وانظر: الإمام (٢/ ٢٣٠)].
وأعله النسائي أيضًا، لما ذكر الاختلاف في هذا الحديث على بكير بن عبد الله بن الأشج، بحديث الليث عن بكير، وبحديث مالك عن أبي النضر.
قال النسائي (١/ ٢١٤/ ٤٣٩): أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن ليث بن سعد، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار، قال: أرسل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - المقداد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الرجل يجد المذي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يغسل ذكره ثم ليتوضأ".
والليث بن سعد: أثبت وأحفظ من مخرمة بن بكير بمراتب، والليث قد سمع من بكير بن الأشج نحوًا من ثلاثين حديثًا، وأما رواية مخرمة عن أبيه فإنما هي وجادة، ولم يسمع منه شيئًا [انظر: العلل ومعرفة الرجال (١/ ٣٥٢)]، وكثيرًا ما يدخل الخلل والوهم والخطأ على المحدث إذا روى من صحيفة وجدها ولم يسمعها.
وقد تابعه مالك عن أبي النضر عن سليمان؛ فلم يذكر ابن عباس أيضًا.
وهذا هو المحفوظ في هذا الحديث، والله أعلم.