للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال أبو بكر الأثرم في الناسخ (١٥٣) بعد أن ذكر روايات الحديث: "فهذه الأحاديث مختلفة في ظاهرها، وإنما الوجه فيها: أن ذلك على قدر الإطاقة، فمن أطاق: قرأ به في أدنى ما جاء من ذلك، ومن لم يطق: كانت الرخصة له إلى الأربعين".

وقال الترمذي في الجامع (٢٩٤٦): "وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عبد الله بن عمرو، وروي عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث"، وروي عن عبد الله بن عمرو، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "اقرأ القرآن في أربعين وقال إسحاق بن إبراهيم: ولا نحب للرجل أن يأتي عليه أكثر من أربعين يومًا ولم يقرأ القرآن لهذا الحديث.

وقال بعض أهل العلم: لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث للحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورخص فيه بعض أهل العلم، وروي عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ القرآن في ركعة يوتر بها، وروي عن سعيد بن جبير أنه قرأ القرآن في ركعة في الكعبة، والترتيل في القراءة أحبُّ إلى أهل العلم".

وقال ابن رجب في اللطائف (١٧١): "وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة؛ كشهر رمضان خصوصًا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنامًا للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره".

وقال الذهبي في السير (٣/ ٨٤): "وصح: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نازله إلى ثلاث ليال، ونهاه أن يقرأه في أقل من ثلاث، وهذا كان في الذي نزل من القرآن، ثم بعد هذا القول نزل ما بقي من القرآن.

فأقلُّ مراتب النهي: أن تكره تلاوة القرآن كله في أقل من ثلاث، فما فقه ولا تدبر من تلا في أقل من ذلك.

ولو تلا ورتل في أسبوع، ولازم ذلك، لكان عملًا فاضلًا، فالدين يسر، فواللّه إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل؛ مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به، مخلصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة وصلة الرحم، والتواضع، والإخلاص في جميع ذلك، لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين، وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب.

فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم، فقد خالف الحنيفية السمحة، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه، ولا تدبر ما يتلوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>