معلول، فمنهم من قال: لم يسمع حبيب من عروة، ومنهم من قال: ليس هو عروة بن الزبير، وضعفوا هذا الحديث ودفعوه.
وصححه الكوفيون وثبتوه، لرواية الثقات أئمة الحديث له، وحبيب بن أبي ثابت لا ينكر لقاؤه عروة، لروايته عمن هو أكبر من عروة وأجل وأقدم موتًا، وهو إمام من أئمة العلماء الجلة"، وقال في موضع آخر: "لا شك أنه لقي عروة".
وقال في التمهيد (٨/ ٤٢) ناقلًا أدلة المصححين: "قالوا: ولا معنى لطعن من طعن على حديث حبيب بن أبي ثابت عن عروة في هذا الباب؛ لأن حبيبًا ثقة، ولا يشك أنه أدرك عروة، وسمع ممن هو أقدم من عروة، فغير مستنكر أن يكون سمع هذا الحديث من عروة، فإن يكن سمعه عنه، فإن أهل العلم لم يزالوا يروون المرسل من الحديث والمنقطع، ويحتجون به إذا تقارب عصر المرسِل والمرسَل عنه، ولم يُعرف المرسِل بالرواية عن الضعفاء والأخذ عنهم ... ".
وأقل ما يقال في هذا المقام؛ بأن حبيب بن أبي ثابت: مدلس، ولم يصرح بسماعه من عروة، بل لا يعلم له سماع من عروة، ولا رواية غير هذه الأحاديث الثلاثة الآنفة الذكر، والتي أنكرها العلماء عليه.
هذا ومن المعلوم أن الرجل قد يروي عن الكبار ويرسل عن الصغار، وإنما سبيلنا في معرفة ذلك إنما هو كلام الأئمة المتقدمين الذين اعتنوا بمسألة السماع والاتصال والانقطاع.
وانظر كلام مغلطاي في الرد على ابن عبد البر [شرح سنن ابن ماجه (٢/ ٥١٠)].
• هذا ولم ينفرد حبيب بن أبي ثابت عن عروة بهذا الحديث، وإن كان إسناده هو أشهر إسناد فيه، وهذا أيضًا من الأدلة التي يستدل بها على أن عروة هذا ليس هو المزني المجهول، وإنما هو عروة بن الزبير [وانظر: شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (٢/ ٥١٢)].
• ومن هذه الأسانيد ما رواه:
١ - إبراهيم بن محمد المديني: أخبرنا معبد بن نباتة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عروة بن الزبير، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: قبَّلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوضئ، ثم صلى ولم يحدث وضوءًا.
أخرجه عبد الرزاق (١/ ١٣٥/ ٥١٠)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (١/ ٦٦).
وهذا باطل؛ إبراهيم بن محمد هو: ابن أبي يحيى الأسلمي: كذاب، ومعبد بن نباتة: مجهول، وقد تفرد به عن محمد بن عمرو بن عطاء.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٣٢٤): "هو [يعني: معبد بن نباتة]: مجهول؛ لا حجة فيما رواه عندنا، وإبراهيم بن أبي يحيى عند أهل الحديث: ضعيف، متروك الحديث".
وقال البيهقي في المعرفة (١/ ٢١٦): "معبد بن نباتة هذا: مجهول، ومحمد بن عمرو بن عطاء لم يثبت له عن عائشة شيء".