الأول، وانفرد فيه بما لم يتابع عليه، فكيف يحتج بمثل هذا، وتقيد به السنن الصحيحة المشهورة؟!
لذا فقد صرح جمع من الأئمة النقاد أنه أتى في روايته بما يخالف الأحاديث الصحاح، فلا يقبل منه ما يخالف فيه الحفاظ الأثبات، وقولهم عندي هو الحجة في رد حديثه هذا، وأنه حديث شاذ، لا سيما مع إعراض الشيخين عنه، وإخراجهما لما يخالفه، بل نفى الإمام الشافعي علمه بمن يقول به، فقال:"ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا، بل نكره جميعًا الصلاة بعد العصر والصبح؛ نافلةً"، بل الأعظم منه دلالة على خطأ روايته ضرب عمر الناس على الصلاة بعد العصر مباشرة والشمس مرتفعة، بل وقع له ذلك مع علي بن أبي طالب، فيما رواه عنه ربيعة بن دراج:
فقد روى الزهري، عن ربيعة بن دراج؛ أن علي بن أبي طالب سبح بعد العصر ركعتين في طريق مكة، فرآه عمر فتغيَّظ عليه، ثم قال: أما والله لقد علمتَ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها.
وروي بإسناد شامي لا بأس به، عن عبد الله بن محيريز، عن عم له، قال: صليت خلف عمر بن الخطاب صلاة العصر، فلما سلم قامت الناحية اليمنى يصلون، فاتبعهم عمر بن الخطاب بالدرة يجلسهم، حتى انتهى إلى علي بن أبي طالب وهو قائم يصلي، فقال: أما والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذه الصلاة. [تقدم تخريجه تحت الحديث السابق في طرق حديث عمر في ضرب الناس على صلاة الركعتين بعد العصر، الطريق رقم (١٩)].
فلو كان عند علي بن أبي طالب في ذلك سنة مرفوعة لحاجَّ بها عمر، ولم يسكت، ولأخبره بما عنده من العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما نهى عن الصلاة بعد العصر إذا لم تكن الشمس مرتفعة، فإذا مالت الشمس واصفرت أو تضيفت للغروب فلا صلاة إذًا، فلما لم يعترض عليٌّ على قول عمر له: والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذه الصلاة، دل على إقراره بذلك، والله أعلم.
* * *
١٢٧٥ - . . . سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي في إثر كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ ركعتينِ؛ إلا الفجرَ والعصرَ.