للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

راشد، ومما يؤكد شذوذ هذه اللفظة، رواية ابن عيينة، حيث قال: "قالوا: صدق، لم تصلِّ إلا ركعتين"، فهي لا تحتمل التأويل من جهة تصرف الرواة فيها، حتى يقال: عبروا عن الإيماء بالقول؛ لأن قوله: لم تصل إلا ركعتين، ليس تعبيرًا عن إشارتهم برؤوسهم بموافقة ذي اليدين، وإنما يعبَّر عن إشارة الموافقة بنعم وصدق، ولكن هذه العبارة الزائدة تؤكد أن الصحابة - رضي الله عنهم - أجابوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بألسنتهم، لا بمجرد الإشارة، لا سيَّما مع مجيء الأدلة الدالة على وجوب إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤]، وكما جاء في حديث أبي سعيد بن المعلى، قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم أجبه، [ثم أتيت، فقال: "ما منعك أن تأتيني" فقلت: يا رسول الله! إني كنت أصلي، فقال: "ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} " ... الحديث [أخرجه البخاري (٤٤٧٤ و ٤٦٤٧ و ٤٧٠٣ و ٥٠٠٦)، ويأتي عند أبي داود برقم (١٤٥٨)]، والله أعلم.

• وبهذا البيان يتبين ضعف قول القائل: أما كلام القوم للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن سمعوه يقول: "لم تقصر الصلاة، ولم أنس"، فمختلف فيه، ولا حجة لمن نزع به؛ لأن حماد بن زيد، وهو أثبت الناس في أيوب، روى حديث ذي اليدين عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال فيه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحق ما يقول ذو اليدين؟ "، فأومؤوا؛ أي: نعم، فبان بهذا أنهم لم يتكلموا بعد أن سمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لم تقصر الصلاة، ولم أنس"، ولكنهم أومؤوا؛ أي: نعم، فعبر المحدث عن الإيماء بالقول [معالم السنن (١/ ٢٠٣)، الاستذكار (١/ ٥٤٢)، المجموع (٤/ ٩٩)، الفتح لابن حجر (٣/ ١٠٢)].

* كذلك فإن الرواة اختلفوا على حماد بن زيد في تعيين الصلاة، وأما رواية ابن عيينة عن أيوب فوقع فيها: وأكثر ظني أنها العصر، بينما وقع في رواية الثقفي: وأظن أنها الظهر، ووقع في رواية معمر على الشك، دون ظن غالب، وأما مالك فلم يذكر في روايته كونها من صلاة العشي أصلًا، وهذه الروايات لا تجعل النفس تميل إلى ترجيح شيء من هذه الظنون؛ إلا أن اتفاق أكثر الرواة عن أيوب على أنها إحدى صلاتي العشي، الظهر أو العصر، مما لا شك فيه، والله أعلم.

* * *

١٠١٠ - . . . بشر - يعني: ابن المفضل -: حدثنا سلمة - يعني: ابن علقمة -، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بمعنى حماد كلِّه إلى آخر قوله: نُبِّئتُ أن عمران بن حصين قال: ثم سلم.

قال: قلت: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد، وأحبُّ إليَّ أن يتشهد، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>