الزهراني عند ابن حزم في المحلى (٤/ ١٦٤): صلَّينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب] فعطستُ، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف فقال:"من المتكلم في الصلاة؟ "، فلم يكلمه أحد، ثم قالها الثانية:"من المتكلم في الصلاة؟ "، [زاد عند الترمذي (٤٠٤): ثم قالها الثالثة: "من المتكلم في الصلاة؟ "]، فقال رفاعة بن رافع ابن عفراء: أنا يا رسول الله، قال:"كيف قلت؟ " قال: قلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده! لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكًا، أيُّهم يصعد بها".
وترجم له النسائي بقوله:"قول المأموم إذا عطس خلف الإمام".
قلت: وهو محمول على أنه عطس مع الرفع من الركوع، أو حال قيامه بعد الرفع من الركوع جمعًا بين أحاديث الباب [المذكورة في الموضع المشار إليه]، وقد جمع بينها ابن حجر، حيث قال في الفتح (٢/ ٢٨٦): "والجواب: أنه لا تعارض بينهما، بل يحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
وهكذا فقد دل هذا الحديث على جواز الجهر بالحمد بعد العطاس؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه جهره بالحمد؛ بل إنه ذكر فضل هذا الذكر لاقترانه بالرفع من الركوع، فهو ذكر خاص بالرفع من الركوع، ولما كان هذا الذكر له سببان: أحدهما: العطاس، والثاني: الرفع من الركوع، فإنا نغلب الثاني، لكونه أقرب إلى أذكار الصلاة، ولكون هذا الفضل المذكور فيه خاص بذكر الرفع من الركوع، وعليه دلت أحاديث الباب في الذكر عند الرفع من الركوع، بينما ذكر العطاس هو: الحمد لله فقط، كما دلت على ذلك أحاديث ذكر العطاس [راجع: أحاديث ذكر العطاس في تخريج الذكر والدعاء برقم (٢٨١)(٢/ ٦٠٤) وما بعده]، ومن ثم فإن الزيادة المذكورة هنا تخص الرفع من الركوع، وأما أصل الحمد فيخص العطاس، ويبقى الجهر به قدرًا مشتركًا بينهما، والله أعلم.
لكن قال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (١٠٧٤): "قلت: الرجل يعطس في الصلاة فيقول: الحمد لله؟
قال: يعيد الصلاة إذا رفع صوته؛ لأنه ليس من شأن الصلاة أن يجهر به.
قلت: فإن قال في نفسه، قال: فلا شيء عليه" [وانظر أيضًا: المسألة رقم ٣٠٩١)].
وقال أبو داود في مسائله لأحمد (٢٦٠): "سمعت أحمد سئل عن الرجل يعطس في الصلاة المكتوبة وغيرها؟ قال: يحمد الله، ولا يجهر، قلت: يحرك بها لسانه؟ قال: نعم".
وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٣٦٦): "سمعت أبي يقول: إذا عطس الرجل وهو في صلاته يحمد الله في نفسه، ولا يرفع صوته".
قلت: لعل الإمام أحمد أراد: إن عطس في غير هذا الموضع فرفع صوته، لكن