للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وما أجمعوا عليه يقضي على ما اختلفوا فيه من ذلك، ويدل والله أعلم على تصويب رواية من روى: يخرج فيها من اعتكافه؛ يعني: بعد الغروب، والله أعلم".

وقال أيضًا (٢٣/ ٦٥): "وقد روى الدراوردي حديث أبي سعيد عن يزيد بن الهادي بإسناده، وساقه سياقة حسنة، وذكر فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينصرف إذا اعتكف العشر الأوسط ليلة إحدى وعشرين، وهذا يدل على أن ذلك كان ليلًا، وهذا يرد رواية من روى عن مالك في هذا الحديث: وهي الليلة التي كان يخرج من صُبحتها من اعتكافه، ويصحح رواية من روى: هي الليلة التي كان يخرج فيها من اعتكافه".

قلت: رواه عن مالك بهذه الزيادة: الشافعي (٣٥٦ - السنن المأثورة)، وأبو مصعب الزهري (٨٨٣)، وعبد الله بن وهب (٢٢٤٣ - صحيح ابن خزيمة)، وعبد الرحمن بن القاسم (٥١٦ - موطأ ابن القاسم بتلخيص القابسي)، وزياد بن عبد الرحمن الأندلسي المعروف بشبطون (٨٩٠ - موطأ يحيى الليثي)، وإسماعيل بن أبي أويس (٢٠٢٧ - صحيح البخاري)، ويحيى بن عبد الله بن بكير (٢٣/ ٥٢ - التمهيد)، وسويد بن سعيد الحدثاني (٤٥٠)، وأبو حذافة السهمي أحمد بن إسماعيل المدني (١٠٥ - أمالي المحاملي) (١١٥١ - معجم ابن عساكر) [وهم من ثقات أصحاب مالك ورواة موطئه، إلا أن الحدثاني: ضعيف، والسهمي: متروك].

ورواه بدونها: عبد الله بن مسلمة القعنبي (٥٥٦) (١٣٨٢ - سنن أبي داود) (٨٣٩ - مسند الموطأ)، ومعن بن عيسى (٢٥٥ - مختصر قيام رمضان)، ومحمد بن الحسن الشيباني (٣٧٨) [والأولان: من أثبت أصحاب مالك، والأخير: ضعيف].

ولذلك فإن الذي يظهر لي: أن هذه اللفظة ثابتة عن مالك، إلا أنه أحيانًا كان يسقطها، ولا يذكرها، وعليه فهي لفظة محفوظة عن مالك، لذا فينبغي صرفها عن ظاهرها لتوافق رواية غيره من الثقات، والله أعلم.

وقد تأوله ابن حجر بأن قال: "وعلى هذا فكأن قوله في رواية مالك المذكورة: وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها؛ أي: من الصبح الذي قبلها، ويكون في إضافة الصبح إليها تجوُّز" [الفتح (٤/ ٢٥٨)]، وبنحو هذا قال ابن حزم في المحلى (٥/ ٢٠٠).

وقال ابن بطال في شرح البخاري (٤/ ١٦٢): "يريد الصبيحة التي قبل ليلة إحدى وعشرين، أضافها إلى الليلة كما تضاف أيضًا الصبيحة التي بعدها إلى الليلة، وكل متصل بشيء فهو مضاف إليه، سواء كان فيه أو بعده، وإن كانت العادة في نسبة الصبيحة إلى الليلة التي قبلها؛ لتقديم الليل على النهار، فإن نسبة الشيء إلى ما بعده جائز بدليل قوله تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: ٤٦]، فنسب الضحى إلى ما بعده، ويبين ذلك رواية من روى عن أبي سعيد: فخرجنا صبيحة عشرين، فلا إشكال في هذا بعد بيان أبي سعيد أنها صبيحة عشرين، وبعد قول من روى: في ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج فيها من الاعتكاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>