ويدل عليه أيضًا في المعاملات: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[البقرة: ٢٧٨] فأمرهم تعالى أن يتركوا ما بقي من الربا، وهو ما لم يقبض، ولم يأمرهم برد المقبوض؛ لأنهم قبضوه قبل التحريم، فأقرهم عليه، بل أهل قباء صلوا إلى القبلة المنسوخة بعد بطلانها، ولم يعيدوا ما صلوا، بل استداروا في صلاتهم، وأتموها؛ لأنَّ الحكم لم يثبت في حقهم إلا بعد بلوغه إليهم.
وفي هذا الأصل ثلاثة أقوال للفقهاء، وهي لأصحاب أحمد:
هذا أحدها، وهو أصحها، وهو اختيار شيخنا - رضي الله عنه -.
الثاني: أن الخطاب إذا بلغ طائفة ترتب في حق غيرهم ولزمهم، كما لزم من بلغه، وهذا اختيار كثير من أصحاب الشافعي وغيرهم.
الثالث: الفرق بين الخطاب الابتدائي، والخطاب الناسخ، فالخطاب الابتدائي يعم ثبوته من بلغه وغيره، والخطاب الناسخ لا يترتب في حق المخاطب إلا بعد بلوغه، والفرق بين الخطابين: أنَّه في الناسخ مستصحب لحكم مشروع مأمور به، بخلاف الخطاب الابتدائي، ذكره القاضي أبو يعلي في بعض كتبه، ونصوص القرآن والسُّنَّة تشهد للقول الأوّل، وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة، وإنما أشرنا إليها إشارة".
• وانظر بعض فوائد هذا الحديث في: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٤٠٩)، التمهيد (٧/ ٨٥) و (٩/ ١٨٢)، إكمال المعلم (٢/ ٢٨١)، كشف المشكل (٣/ ٤١٥)، إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (١/ ٢٥٧ - ٢٦٣)، الفتح لابن رجب (٥/ ٥٦)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٣/ ١٦١ - ١٨٢)، الفتح لابن حجر (٢/ ٢٧٧ - ٢٨١)، الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (١٩٧).
***
٨٦٢ - قال أبو داود: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر بن الحكم، (ح) وحدثنا قتيبة: حدثنا الليث، عن جعفر بن عبد الله الأنصاري، عن تميم بن محمود، عن عبد الرحمن بن شبل، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نَقْرة الغراب، وافتراشِ السبُع، وأن يُوْطِنَ الرجلُ المكانَ في المسجد كما يُوْطِنُ البعيرُ. هذا لفظ قتيبة.
• حديث ضعيف.
اختلف في هذا الحديث على الليث بن سعد:
أ - فرواه أبو الوليد الطيالسي، والحجاج بن محمَّد، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو صالح عبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير [وهم ثقات، بعضهم من الغرباء، وبعضهم مصريون من أصحاب الليث]: