للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصدق، ما أرى به بأسًا وقال العقيلي: "في حديثه عن غير ابن جريج وهم"، لم يخرج له مسلم إلا من روايته عن ابن جريج، وعلق له البخاري موضعًا عن ابن جريج، وله أيضًا ما استنكر عن ابن جريج، كما في علل ابن أبي حاتم (١/ ٢٨٩/ ٨٦٢). انظر: التاريخ الكبير (٨/ ٢٠٠)، الجرح والتعديل (٩/ ٦٢)، ضعفاء العقيلي (٤/ ٣٣٨)، شرح علل الترمذي (٢/ ٨٠٧)، التهذيب (٤/ ٢٧٢)، الميزان (٤/ ٢٩٩)، وغيرها].

• مسألة:

جعل بعض الفقهاء حديث المسيء صلاته حجةً على عدم وجوب كثير من أفعال الصلاة بدعوى عدم ورودها في هذا الحديث، وقالوا بأنّه - صلى الله عليه وسلم - علَّمه فرائض الصلاة دون سننها، فلم يأمره برفع اليدين، ولا من التكبير إلا بتكبيرة الإحرام، ولم يأمره بالتشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتسليم، وغير ذلك من الواجبات، سواء المجمع عليها، أو المختلف فيها، وإنما اقتصر على تعليمه الفرائض حسب.

وقال بعضهم: قام الدليل من غير هذا الحديث بوجوب التشهد ووجوب التسليم وغير ذلك بما علَّمهم - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمهم أن ذلك من صلاتهم، فيقال: قد نقض القائل بذلك أصله، إذ لو كان هذا الحديث قد سيق أصالة لبيان الواجبات واستيعابها، وأنه لم يذكر فيه شيئًا من سنن الصلاة؛ لصار كل ما لم يذكر فيه من السنن.

وإن قال قائل: إن هذه الواجبات - سواء المجمع عليها أو المختلف فيها - كانت معلومةً عند السائل فلم يحتج إلى بيانها، فيقال: قد اتفقنا - والحال هكذا - على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أنكر عليه تركه بعض الواجبات دون بعض، فذكر له ما يحتاج هو إليه مما قصر فيه في صلاته تلك، ومن ثمَّ فلم يعد الحديث حجةً على استيعاب الواجب والفرض دون السنن، هذا من وجه، ومن وجه آخر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذكر فيه القيام والركوع والرفع منه والسجود والرفع منه لا من أجل بيانها، أو أن الأعرابي لم يأت بها، فإن في قول الصحابي: فلا ندري ما يعيب منها؛ دليل على إتيانه بهذه الأركان، وإنما قصر في ركن متعلق بها ولا تنفك هي عنه، وهو الطمأنينة، ومن ثمَّ فكان لا بد من ذكر الأركان مصحوبة بهذه الصفة التي يجب أن تلازمها، وهي الطمأنينة، وعلى هذا فذكر الأركان كان تبعًا لذكر الطمأنينة، ولم يكن مقصودًا لذاته، وذلك لكون الأعرابي قد أتى بأصل الركن، كما يتبين من قول الصحابي، والله أعلم.

وهكذا فإن الناظر في هذا الحديث وفي سبب وروده ليتبين له بجلاء أن ذلك الرجل إنما ترك الطمأنينة من الصلاة حسب، دليل ذلك قول الصحابي: فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمُقُ صلاته، فلا ندري ما يعيب منها [كما في رواية همام (٨٥٨)]، فلو كان تاركًا لأركانها الفعلية الظاهرة لأنكر ذلك الصحابة، وعرفوا السبب الذي لأجله أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة.

ولذلك فإن حديث أبي هريرة وحديث رفاعة قد اتفقا على ذكر الطمأنينة في الأركان، وزاد له في حديث رفاعة ما قد يحتاج إليه مما قصَّر فيه، أو جهله، أو كان بحاجة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>