للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الترمذي (٣٠١٤ و ٣٠٣٣)، المراسيل (٧٢٨)، الجرح والتعديل (٨/ ٢٧١)، بيان الوهم (٥/ ٢٣١/ ٢٤٤١)، هدي الساري (٢/ ١١٨٩)، التهذيب (٤/ ٥٠)].

• ومما اعترض به أيضًا على تصحيح هذا الحديث:

معارضته لحديث رافع بن خديج وأنس بن مالك وغيرهما في سرعة انصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاة المغرب:

قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٤٨): "حديث رافع الذي تقدم في المواقيت: أنهم كانوا ينتضلون بعد صلاة المغرب؛ يدل على تخفيف القراءة فيها، وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أحيانًا يطيل القراءة في المغرب، إما لبيان الجواز، وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين".

وقال أيضًا في نتائج الأفكار (١/ ٤٥٨) في الرد على من احتج بحديث حماد، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: كنا نصلي المغرب مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله [وهو حديث صحيح مخرج في السنن برقم (٤١٦)]، وقد صح أيضًا عن جماعة من الصحابة، وهو مخرج في الصحيحين من حديث رافع بن خديج [البخاري (٥٥٩)، ومسلم (٦٣٧)، راجع تخريجها تحت الحديث رقم (٤١٧)]، قال الطحاوي بعد أن احتج بشيء من هذه الأحاديث في شرح المعاني (١/ ٢١٣): "فلما كان هذا وقتَ انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلاة المغرب؛ استحال أن يكون ذلك، وقد قرأ فيها الأعراف ولا نصفها"، فتعقبه ابن حجر بقوله: "الجمع ممكن؛ أي: وهو باختلاف الأحوال، ولا تُرَدُّ الأحاديث الصحيحة بمثل هذا الاعتراض".

قلت: يمكن حمل إنكار زيد بن ثابت على مروان على مداومته على القراءة في المغرب بقصار المفصل، ومجانبته ما عداه، مع أنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ فيها بطوال المفصل وأوساطه، مثل: الطور والمرسلات، بل ذهب زيد إلى أبعد من ذلك وهو أنه قرأ فيها مرةً بالأعراف، لا أنه داوم على ذلك، وهو ظاهر من قوله: رأيتُ وسمعتُ، ومن قال في الرواية: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" والتي تدل على الدوام أو الكثرة، فيمكن حمله على الرواية بالمعنى حتى تأتلف هذه الأحاديث التي في الباب، وحتى يمكن الجمع بينها وبين عمل الصحابة، ومن وجه آخر: أنه لو كان - صلى الله عليه وسلم - يداوم على القراءة في المغرب بالأعراف لكان ذلك سُنَّة لا تخفى على الخلفاء الراشدين فمن بعدهم، ولنُقل ذلك إلينا نقلًا متواترًا عن عدد من الصحابة لكون ذلك مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله لمخالفته العادة، حيث إن الصلاة في هذه الحال سوف تستغرق وقت صلاة المغرب حتى يدخل وقت العشاء، أو يكاد، فلما لم ينقل هذا إلينا لا سيما مع وجود من يقول بأن وقت المغرب وقت مضيقٌ، وقتًا واحدًا، وأنها تصلَّى بمجرد غروب الشمس، من غير تطويل القراءة فيها، فإن هذا كله يجعل النفس تميل إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك مرة واحدة، أو كان فعله لها نادرًا، بحسب ما اقتضته مصلحة حاضرة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>