أبو داود والدارقطني:"لا بأس به"، وقال عنه البزار:"حدَّث بغير حديث لم يشاركه فيه أحد"، يعني: أنه كان ممن يخطئ ويُغرب، فإذا انضاف إلى ذلك قول ابن سعد:"كان شيخًا قليل الحديث"، فإن مثله عندئذ إذا اختلف عليه الثقات، يكون الحمل عليه فيه، لا على الثقات الذين اختلفوا عليه، ولذا لخص الذهبي ما قيل فيه بقوله:"صدوق، وفيه لين"، وقال مرة أخرى:"صالح الحديث، وفيه لين"، والله أعلم [انظر: التهذيب (١/ ٢٣٥)، طبقات ابن سعد (٦/ ٣٦٠)، التاريخ الكبير (٢/ ٩٩)، سؤالات الآجري (١١٨)، الجرح والتعديل (٢/ ٣٧٤)، الثقات (٦/ ٩٨)، سؤالات البرقاني (٥٣)، المغني (١/ ١٠٨)، الميزان (١/ ٣٢٩)].
وبذا يظهر أن حجة الذين قالوا بأنه سيار أبو حمزة: أقوى وأظهر، ومعهم من الأدلة والبراهين ما يجعل النفس تطمئن إلى صحة قولهم، والله أعلم.
وسيار أبو حمزة: ذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٤٢١)، وروى عنه جماعة من الثقات، وهو قليل الحديث، وأكثر حديثه يرويه عنه بشير بن سلمان أبو إسماعيل النهدي بهذا الإسناد، وقال ابن القطان:"لا يُعرف" [التهذيب (٢/ ١٤٣)، بيان الوهم (٤/ ٥٥٠/ ٢١٠٢)، [وانظر: الإتحاف (١٠/ ٢٦٦/ ١٢٧١٩)].
فالأحاديث المروية بهذا الإسناد: أحاديث غرائب، تفرد بها بشير بن سلمان، عن سيار أبي حمزة الكوفي، عن طارق بن شهاب.
والترمذي حكم على أحدها بالغرابة، وأما تصحيحه له: فإن ثبت عنه؛ فإنه مبني على متابعته لشيخه البخاري في كون سيار هذا هو ابن أبي سيار أبا الحكم الواسطي، وليس كذلك، والله أعلم.
• فإن قيل: قد رُوي حديث تسليم الخاصة والسلام للمعرفة عن ابن مسعود من وجوه آخر كثيرة [انظر مثلًا: صحيح ابن خزيمة (٢/ ٢٨٤/ ١٣٢٦)، المستدرك (٤/ ٤٤٥ و ٤٤٦ و ٥٢٤)، مسند أحمد (١/ ٤٠٥ - ٤٠٦)، الأم (٧/ ١٨٦)، مسند الطيالسي (٣٩٣)، مصنف عبد الرزاق (٣/ ١٥٥/ ٥١٣٧)، مسند ابن أبي شيبة (٢١٠ و ٣٧٧)، شرح مشكل الآثار (٤/ ٢٦٦)، مسند الشاشي (٢٦٧)، المعجم الكبير للطبراني (٩/ ٢٩٦ و ٢٩٧/ ٩٤٨٦ - ٩٤٩١) و (١٨/ ١٣/ ١٧)، السنن الواردة في الفتن (٤٣٧)، السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٢٤٥)، شعب الإيمان (٦/ ٤٣١/ ٨٧٧٨)، المطالب العالية (١٨/ ٣٧٨/ ٤٤٩٧)، [وانظر: السلسلة الصحيحة (٦٤٧ - ٦٤٩ و ٢٧٨٧)، والسلسلة الضعيفة (١٥٣٠ و ١٥٣١)].
وفي بعضها ما يشهد لكون راوي هذا الحديث هو سيار أبو حمزة:
فقد روى حماد بن سلمة، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة: أنه كان مع مسروق، وابن مسعود بينهما، فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا ابن أم عبد، فضحك عبد الله بن مسعود، فقال: ممَّ تضحك؟ فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن من أشراط الساعة: السلام بالمعرفة، وأن يمرَّ الرجل بالمسجد ثم لا يصلِّي فيه، [وأن يبرد