فإن حديث أبي بكرة إنما يصح من رواية الحسن عنه، وقد صححه البخاري، وقد جوَّده، وساقه سياقة حسنة: حماد بن سلمة، وهو ثقة، إمام.
ولفظه: أن أبا بكرة جاء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته، قال: "أيُّكم الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف؟ " فقال أبو بكرة: أنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "زادك الله حرصًا، ولا تَعُدْ".
وفي رواية: عن أبي بكرة: أنه دخل المسجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، وقد ركع، فركع، ثم دخل الصف وهو راكع، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أيكم دخل الصف وهو راكع؟ " فقال له أبو بكرة: أنا، قال: "زادك الله حرصًا، ولا تعد".
• وفي الباب:
١ - عن حذيفة بن اليمان:
روى ابن أبي عمر العدني في مسنده (٤/ ٢٥/ ٤٥٤ - مطالب)، قال: حدثنا يوسف بن خالد البصري، عن جويبر، عن الضحاك، عن حذيفة - رضي الله عنه - أنه دخل والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع، فركع دون الصف، فذكروا صنيعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أحسن حذيفة، وأجمل".
وهذا إسناد تالف؛ الضحاك بن مزاحم: لم يسمع من حذيفة، قاله الدراقطني في السنن (٢/ ٢٠٠)، وجويبر: متروك، ويوسف بن خالد السمتي: متروك، كذبه غير واحد.
قال ابن حجر في المطالب: "هذا إسناد واهٍ جدًّا".
٢ - عن أبي هريرة:
يرويه إبراهيم بن أبي داود [هو: إبراهيم بن سليمان بن داود البرلسي: ثقة حافظ. السير (١٣/ ٣٩٣)]: حدثنا المقدَّمي [هو: محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء: ثقة]: حدثني عمر بن علي [بن عطاء المقدَّمي: ثقة]: حدثنا ابن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف؛ حتى يأخذ مكانه من الصف".
أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (١/ ٣٩٦)، وفي المشكل (١٤/ ٢٠٥/ ٥٥٧٧).
حسن إسناده ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٦٩).
لكن قال ابن رجب في الفتح (٥/ ١٥): "ووقفه أصح".
وهو كما قال، فقد خالف المقدَّمي: أبو خالد الأحمر [سليمان بن حيان: صدوق]، ويحيى بن سعيد القطان [ثقة ثبت، إمام حجة]:
فروياه عن محمد بن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: لا تُكبِّر حتى تأخذ مقامك من الصف. هكذا موقوفًا، وهو الصحيح.
وفي رواية: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، في الرجل يدخل المسجد والقوم ركوع، يكبر؟ قال: لا؛ حتى تأخذ مقامك في الصف.