قلت: هو حديث صحيح، رجاله ثقات، والاختلاف السابق ذكره لا يقدح في صحة الحديث، فإن ابن جريج كان ينشط أحيانًا فيذكره تامًّا، وكان أحيانًا يختصر سنده [بإسقاط ذكر عبد الله بن عمرو وعبد الله بن المسيب، أو أحدهما]، أو يختصر متنه، وكلٌّ قد حدث عنه بما سمع، والله أعلم.
• تنبيه:
وقع في رواية حجاج بن محمد، وروح بن عبادة:"وعبد الله بن عمرو بن العاص".
قال مسلم بعد أن أخرجه من طريق حجاج وعبد الرزاق:"وفي حديث عبد الرزاق: فحذف فركع، وفي حديثه: وعبد الله بن عمرو، ولم يقل: ابن العاص".
قال الجياني في تقييد المهمل (٣/ ٨١١): "هكذا إسناد هذا الحديث من حديث حجاج عن ابن جريج، قال فيه: وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وفي حديث عبد الرزاق عن ابن جريج: وعبد الله بن عمرو، ولم يقل: ابن العاصي، وهذا هو الصواب، وعبد الله بن عمرو المذكور في هذا الإسناد ليس ابن العاصي، إنما هو رجل من أهل الحجاز، روى عنه: محمد بن عباد بن جعفر، ... ".
وقال القاضي عياض في المشارق (٢/ ٣٤٥): "قالوا: ذكر ابن العاصي هنا وهمٌ وغلطٌ، وقد نبه عليه مسلم في رواية عبد الرزاق في الحديث الآخر، فقال: ولم يقل ابن العاصي، قالوا: وإنما هو عبد الله بن عمرو، وهذا رجل آخر حجازي، قاله البخاري في تاريخه" [وانظر أيضًا: (٢/ ١٢٣)].
قلت: وقع في مصنف عبد الرزاق: عبد الله بن عمرو بن عبدٍ القاري، ومن طريقه: أبو نعيم في المستخرج، ووقع في اختلاف الحديث للشافعي من طريق ابن أبي رواد والزنجي:"عبد الله بن عمرو العائذي"، وكذا وقع في مسند الشافعي بجمع أبي العباس الأصم (١٥٥)، وبترتيب سنجر (١/ ٢١٧/ ١٢٨)، ووقع من طريق الشافعي عند البيهقي في المعرفة:"عبد الله بن عمرو العابدي"، وكذا نقله ابن حجر في الإتحاف (٦/ ٦٦٢/ ٧١٦١)، لكن وقع عند البغوي في شرح السنة من طريق الشافعي:"عبد الله بن عمرو، والعابدي"، ثم قال:"والعابدي: هو عبد الله بن المسيب العابدي"، قلت: الأقرب عندي أنه وهم وقع له، وإنما هو كما عند البيهقي؛ إذ هو أعلم بمرويات الشافعي، والله أعلم.
قال البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ١٥٢): "عبد الله بن عمرو: سمع منه محمد بن عباد بن جعفر، يُعدُّ في أهل الحجاز"، ثم ترجم له مرة أخرى (٥/ ١٥٤) فقال: "عبد الله بن عمرو: عن عبد الله بن السائب، روى عنه أبو سلمة بن سفيان، يعد في أهل الحجاز"، [وانظر: الجرح والتعديل (٥/ ١١٧)].
وقال ابن خزيمة:"ليس هو عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي"، وعلق عليه ابن حجر في الإتحاف (٦/ ٦٦١/ ٧١٦١) بقوله: "هو عبد الله بن عمرو، بل وتسمية رواية جد عبد الله بن عمرو بالعاصي: ليس صوابًا، بل هو وهم".