رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
ثم دعاني حين قضيتُ التأذينَ، فأعطاني صُرةً فيها شيء من فضة، [ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أَمَرَّهَا على وجهه، ثم من بين يديه، ثم على كبده، ثم بَلَغَتْ يدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُرَّة أبي محذورة، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بارك الله فيك، وبارك عليك"]، فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! مُرني بالتأذين بمكة، فقال: (قد أمرتك به) [وذهب كل شيء كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كراهية، وعاد ذلك محبةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -].
فقدمت على عتَّاب بن أَسِيد، عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
[وأخبرني ذلك من أدركت من أهلي، ممن أدرك أبا محذورة، على نحو ما أخبرني عبد الله بن محيريز].
قلت: وهذه الجملة الأخيرة تؤكد أن عبد العزيز بن عبد الملك لم يدرك أبا محذورة؛ فروايته عنه مرسلة، ولذا فإن البخاري في تاريخه الكبير (٦/ ١٨) لما ترجم لعبد العزيز لم يذكر له رواية عن جده أبي محذورة، وإنما قال: "سمع عبد الله بن محيريز، روى عنه ابن جريج، ومحمد بن سعيد".
تابع ابنَ جريج عليه: أبو سعيد محمد بن سعيد الطائفي المؤذن [صدوق. التقريب (٥٣٦)] عن عبد العزيز به.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٩٣).
وانظر في الأوهام: الجامع لابن وهب (٤٦٧)، المدونة (١/ ٥٧)، طبقات ابن سعد (٤/ ٥٣٢)، الموضح (١/ ٢٣).
وعبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة: ذكره ابن حبان في الثقات، وروي عنه ثلاثة، لكن قال ابن المديني: "بنو أبي محذورة الذين يحدثون عن جدهم: كلهم ضعيف، ليس بشيء"، وقال ابن القطان الفاسي: "مجهول الحال" [سؤالات ابن أبي شيبة (١٤٢)، بيان الوهم (٣/ ٤٨)، التهذيب (٢/ ٥٩٠)، ذيل الميزان (٥٣٧)].
قلت: الأحاديث التي يرويها عبد العزيز، وفيها مخالفة للثقات، أو تفرُّد، العهدة فيها على ابنه إبراهيم، وقد سبق أن تكلمنا عليه، وفي هذا الحديث - مثلًا - فإن رواية إبراهيم عنه فيها اضطراب، ونكارة، بخلاف رواية الثقات [ابن جريج، ومحمد بن سعيد الطائفي] عنه، فليس فيها ما ينكر، تابعه مكحول عن ابن محيريز به على الأذان بالترجيع، وتابعه عثمان بن السائب عن أبيه وأم عبد الملك على أصل القصة، مع الأذان بالترجيع.
فمثله يحسن حديثه، والحال هذه، ولا تؤثر فيه جهالة الحال، لوجود المتابعة، وخلوه من النكارة، والله أعلم.
ولذلك فقد صحح حديثه هذا: ابن خزيمة، وابن حبان، والجوزقاني، واحتج به