وكذلك غيرهم ممن ذكرنا روايتهم، وهذا مما يؤكد ضعف إبراهيم هذا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه قد خالف في متنه رواية من ذكرنا آنفًا ممن روى تثنية الإقامة، وأسانيدهم أقوى، كما أنه مرة يروي التكبير في أول الأذان مربعًا، ومرة يثنيه.
وإبراهيم بن عبد العزيز: ضعفه ابن المديني، وابن معين، والأزدي، قال ابن المديني:"بنو أبي محذورة الذين يحدثون عن جدهم: كلهم ضعيف، ليس بشيء"، وقال البرقي في كتاب التاريخ الكبير:"وسئل يحيى بن معين عن بني أبي محذورة الذين يروون حديث الأذان عن أبيهم عن جدهم؟ فقال: قد أدركتُ أنا أحدَهم، وأراه إبراهيم، ولم أسمع منه، وكان أضعفهم". زاد عنه أبو العرب القيرواني الحافظ:"وكانوا ضعفاء" [نقله مغلطاي في ترجمة إبراهيم بن إسماعيل (١/ ١٨٠) فأخطأ]، وقال الأزدي:"إبراهيم بن أبي محذورة وإخوته: يُضعَّفون"، وقال أبو حاتم في العلل:"شيخ" معلًا بذلك حديثًا رواه إبراهيم فيمن أذن قبل طلوع الفجر، ضعفه البيهقي أيضًا فقال:"وهو ضعيف، لا يصح"، فلما لم يكن في الإسناد أضعف من إبراهيم هذا، كان الحمل فيه عليه، ولما ذكره ابن حبان في ثقاته قال:"يخطئ"، وقال في المشاهير:"وكان يهم في الشيء بعد الشيء"، فإذا لم يكن له من الحديث إلا اليسير، ثم هو يخطئ فيما شارك فيه الثقات، وينفرد بما لا يتابع عليه، فكيف يُعَد مثله في جملة الثقات، بل ينبغي أن يحول إلى كتاب المجروحين على قاعدة ابن حبان.
[انظر: التهذيب (١/ ٧٥)، إكمال مغلطاي (١/ ١٨٠) و (١/ ٢٤٧)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (١٤٢)، علل ابن أبي حاتم (٣٠٨)، الثقات (٦/ ٧)، مشاهير علماء الأمصار (١١٣١)، سنن البيهقي الكبرى (١/ ٣٨٣)].
فإن قيل: صحح له الترمذي حديثه هذا! فيقال: خرَّج الترمذي حديثه من طريق بشر بن معاذ، وليس فيه ذكر إفراد الإقامة، فلم يبق إلا الأذان بالترجيع، وهو متابع عليه [كما قال الترمذي]، سوى تثنية التكبير في أوله، فقد أخطأ فيه، والصحيح فيه التربيع، وهو مروي عنه أيضًا، فحديثه من طريق بشر بن معاذ: صحيح [كما قال الترمذي] سوى تثنية التكبير، والله أعلم.
• وأما ما روي من طرقٍ أخرى عن أبي محذورة: أن أذانه كان مثنى، وأن إقامته كانت واحدة، وخاتمة أذانه: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
فلا يصح، وانظر: الصلاة لأبي نعيم (٢٣٢)، المصنف لابن أبي شيبة (١/ ١٨٦ و ١٨٨/ ٢١٢٦ و ٢١٤٧ و ٢١٤٨)، شرح المعاني (١/ ١٣٦).
وكذلك ما رواه خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومي: ثنا كامل بن العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: أُمِر أبو محذورة [وفي رواية: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا محذورة] أن يشفعَ الأذان، ويوترَ الإقامة، ويستدبرَ في إقامته.
أخرجه الدارقطني (١/ ٢٣٩)، والحاكم (٣/ ٥١٥).
ورواه ابن عدي في الكامل (٣/ ٣٩) من طريق خالد بن عبد الرحمن: ثنا كامل، عن أبي هريرة: سمعت أبا محذورة يقول في النداء: الصلاة خير من النوم.