واحتج البخاري وشيخه ابن المديني بحديث: "من قتل عبده قتلناه" [علل الترمذي (٤٠١)].
والإمام أحمد مع كونه ينفي سماع الحسن من سمرة؛ فقد احتج بأحاديث من رواية الحسن عن سمرة [انظر: مسائل صالح (٣٨٤)، ومسائل الكوسج (٢/ ٢٤ و ٤٨/ ١٨٥٥ و ١٩٣٨)، وغيرها].
• ونختم ذلك بنقلين عن مرويات الحسن عن سمرة:
١ - قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين (٢/ ١٢٥): "وقد صح سماع الحسن من سمرة، وغاية هذا أنه كتاب، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديمًا وحديثًا، وأجمع الصحابة على العمل بالكتب، وكذلك الخلفاء بعدهم، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب، فإن لم يعمل بما فيها تعطلت الشريعة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب كتبه إلى الآفاق والنواحي، فيعمل بها من تصل إليه، ولا يقول: هذا كتاب، وكذلك خلفاؤه بعده، والناس إلى اليوم، فَرَدُّ السنن بهذا الخيال البارد الفاسد من أبطل الباطل، والحفظ يخون، والكتاب لا يخون".
وقال بعد ذلك بصفحتين (٢/ ١٢٧) في صحيفة سليمان بن قيس اليشكري: "وغاية هذا أن يكون كتابًا، والأخذ عن الكتب حجة".
قلت: ولا سيما إذا كان الراوي من الكتاب عالم فقيه حجة، له دراية واسعة بفن الكتابة والتصحيف، مثل الحسن البصري؛ مما يزيد الثقة بهذه الصحيفة.
٢ - وفي التهذيب (١/ ٣٨٩ و ٣٩٠): "وقال بهز بن أسد، لم يسمع الحسن من ابن عباس ... ، واعتماده على كتب سمرة ... "، وفيه أيضًا: " ... وقال يحيى القطان وآخرون: هي كتاب"، قال ابن حجر العسقلاني: "وذلك لا يقتضي الانقطاع".
يعني: أنها أحاديث متصلة مقبولة.
• وبناء على ما تقدم فإن حديث: شعبة، وهمام، وأبي عوانة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل": حديث صحيح.
وهذا الحديث هو أقوى ما يستدل به على عدم فرضية غسل الجمعة.
قال ابن رشد في البداية (١/ ١١٩): "وهو نص في سقوط فرضيته؛ إلا أنه حديث ضعيف"، قلت: قد صح الحديث.
وقال الخطابي في معالم السنن (١/ ٩٥): "قوله: "فبها" قال الأصمعي: معناه: فبالسُّنَّة أخذ، وقوله: "ونعمت" يريد: ونعمت الخصلة، ونعمت الفعلة، أو نحو ذلك، وإنما ظهرت التاء التي هي علامة التأنيث لإظهار السُّنَّة أو الخصلة أو الفعلة، وفيه البيان الواضح: أن الوضوء كافٍ للجمعة، وأن الغسل لها فضيلة لا فريضة".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (١/ ٤٣١): "وفيه دليل على أن الغسل لاكتساب الفضل، والوضوء جائز، ... "، ثم نقل كلام الخطابي.