للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عن الزهري، عن عروة، عن أسماء بنت عميس، وتقدم تحقيق القول في هذين الإسنادين فيما تقدم برقم (٢٨٠ و ٢٨١)].

ويبدو لي - والله أعلم - أن محمد بن المثنى كان يحدث به أولًا متصلًا بذكر عائشة في الإسناد فلما أنكر عليه، أظهر علَّته، وأخبر أن ابن أبي عدي كان يحدث به من حفظه متصلًا، ويحدث به من كتابه مرسلًا، ودليل ذلك ما قاله الطحاوي في المشكل (١/ ٣٥٤ - ترتيبه) قال: "غير أنا كشفنا عن إسناد هذا الحديث، فلم نجد أحدًا يرويه عن عائشة إلا محمد بن المثنى، وذكر لنا أحمد بن شعيب [يعني: الإمام الحافظ الكبير أبا عبد الرحمن النسائي صاحب السنن، أنَّه أنكر عليه لما حدث به كذلك [يعني: محمد بن المثنى]، وقيل له: إن أحمد بن حنبل قد كان حدث به عن محمد بن أبي عدي فأوقفه على عروة، ولم يتجاوز به إلى عائشة [يعني: قال فيه: "عن عروة أن فاطمة"]، فقال: إنما سمعته من ابن أبي عدي من حفظه، فكان ذلك دليلًا على أنَّه لم يكن فيه بالقوي، وقوي في القلوب أن حقيقته عن ابن أبي عدي كما حدث به أحمد بن حنبل، لا كما حدث به هو".

وعلى هذا فالمنفرد بوصله هو محمد بن المثنى، على ما حدثه به ابن أبي عدي من حفظه.

ورواه عن ابن أبي عدي مرسلًا - ليس فيه ذكر عائشة -: أحمد بن حنبل [وذكر أن ابن أبي عدي رجع عن وصله]، ومحمد بن المثنى [وذكر أن هذا هو ما حدث به ابن أبي عدي من أصل كتابه]، وخلف بن سالم المخرمي [ثقة حافظ].

• وعلى هذا فإن الرواية التي حدث بها ابن أبي عدي من حفظه قد وهم فيها لأمرين:

الأول: أنَّه ثبت عنه أنَّه ترك التحديث بها، مما يدل على أنَّه تبين له خطؤه فيها.

والثاني: أنَّه كان يحدث بها من حفظه بخلاف ما كان في أصل كتابه، ومعلوم أن الحفظ يدخله الوهم والخطأ ما لا يدخل في التحديث من الكتاب؛ لا سيما إذا كان الكتاب مصونًا من التحريف والزيادة والنقصان.

يزاد على ذلك أنَّه قد انفرد برواية الوصل: محمد بن المثنى [وهو ثقة ثبت] ولم يتابع عليها، وأما الرواية المرسلة: فقد رواها هو أيضًا، وتابعه عليها: أحمد بن حنبل، وخلف بن سالم، مما يؤكد رجوع ابن أبي عدي عن الرواية الموصولة؛ لما تبين له خطؤه فيها.

• وعلى هذا فالمحفوظ في هذا الإسناد: عن ابن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة: أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض ... الحديث؛ هكذا مرسلًا.

وبذا تعلم ضعف ما ذهب إليه ابن حزم في تصحيح هذا الحديث، وتبعه عليه ابن القيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>