هذا لله وهم السلف، أما الخلف فيقولون: استوى على ملكه يدبر أمره، ويحكم سياسته، فالاستواء كناية عن الاستيلاء والتدبير.
ما لكم من دونه من ولى يلي أموركم، ويدفع عنكم عذابكم، وليس لكم شفيع من دونه ينصركم إن جاءكم بأسنا، فإن خذلكم الله الذي خلقكم لم يبق لكم ولى ولا نصير.
الله- سبحانه وتعالى- يدبر أمر الدنيا وينظم شئونها وأحوالها التي تقع فيها، كل ذلك موافق لقضائه السابق، وجار على وفق إرادته الأزلية التي قضت بهذا النظام الموجود على هذا الترتيب، وكان تدبير الأمر ونظامه مبتدئا من السماء ومنتهيا إلى الأرض، لأن التدبير يرجع إلى أمور سماوية، ومنوط بأسباب علوية، وهو ينتهى بآثاره إلى الأرض ويظهر عمليا على وجهها، كل ذلك إلى أن تقوم الساعة، ثم يعرج إليه ذلك الأمر ويصعد إليه ليحكم فيه بحكمه العدل يوم القيامة، يوم مقداره ألف سنة مما تعدون، وقد جاء في سورة «سأل» كان مقداره خمسين ألف سنة، والمخلص من هذا أن يوم القيام فيه أيام فمنها ما مقداره خمسون ألف سنة، ومنها ما مقداره ألف سنة، وقيل: إن الزمن الواحد تارة يكون طويلا جدا وطورا يكون قصيرا عند صاحبه.
ويوم كظل الرمح قصر طوله ... دم الزق عنا واصطكاك المزاهر
وقيل: إن الملك يعرج إلى مكانه المحدد له في يوم مقدر بالنسبة لنا ألف سنة، وهو عنده لحظة الله أعلم بها.
ذلكم الله خالق السماء والأرض ومدبر هذا الكون، هو عالم الغيب والشهادة فاحذروا عقابه، وانظروا في كتابه نظر تأمل وبحث لعلكم ترجعون وتثوبون إلى رشدكم، وهو العزيز لا يعجزه شيء، القاهر لا يقف دونه شيء، ومع هذا فهو الرحيم بخلقه الرحمن بهم، يدعوهم إلى الخير، ويرسل لهم رسلا تهديهم إلى الحق، وينزل عليهم كتبا فيها الشفاء والرحمة والنور والهداية للناس جميعا.
وهو الله لا إله إلا هو الذي أحسن كل شيء خلقه، إذ هو مرتب وجار على ما اقتضته الحكمة، وأوحته المصلحة، فكل شيء في الكون له مكانه ونظامه وترتيبه حتى الكلب العقور والثعبان والحية، فالله خلق هذا العالم كله، على نظام دقيق،