منها في شيني، وقلقوا، فبعث إليهم السلطان: أن اخرجوا كلكم من البلد على حمية، وسيروا مع البحر واحملوا عليهم وأنا أجيئهم من ورائهم، وأكشف عنكم. فشرعوا في هذا فما تهيأ ثم خرج أمير عكا ابن المشطوب إلى ملك الفرنج وطلب الأمان فأبى، قال: فنحن لا نسلم عكا حتى نقتل جميعًا ورجع، فزحف العدو عليها، وأشرفوا على أخذها فطلب المسلمون الأمان على أن يسلموا عكا ومائتي ألف دينار وخمس مائة أسير وصليب الصلبوت فأجيبوا، وتملك العدو عكا في رجب ووقع البكاء والأسف على المسلمين، ثم سارت الفرنج تقصد عسقلان، فسار السلطان في عراضهم، وبقي اليزك يقتتلون كل وقت، ثم كانت وقعة نهر القصب، ثم وقعة أرسوف، فانتصر المسلمون، وأتى صلاح الدين عسقلان فأخلاها، وشرع في هدمها، وهدم الرملة ولد، وشرعت الفرنج في عمارة يافا، وطلبوا الهدنة، ثم جرت وقعات صغار، وقصدت الملاعين بيت المقدس وبها السلطان، فبالغ في تحصينها.
وفيها ولي الأستاذ دارية ابن يونس الذي كان وزيرًا.
وفيها ظهر السهروردي الساحر بحلب، وأفتى الفقهاء بقتله، فقتل بالجوع، وأحرقت جثته، وكان سيماويًا فيلسوفًا منحلًا.
وفي سنة ثمان وثمانين وخمس مائة شرعت الفرنج في بناء عسقلان.
والتقى شهاب الدين الغوري عساكر الهند، فهزمهم، وقتل ملكهم في الوقعة.
وكبس الإنكيتر في الرمل عسكرًا من المصريين، وقفلا فاستباحهم، فلله الأمر، ثم انعقدت الهدنة ثلاث سنين وثمانية أشهر، ودخل فيها السلطان وهو يعض يده حنقًا، ولكن كثرت عليه الفرنج ومل جنده وحلف على الصلح عدة من ملوك المسلمين مع السلطان، وعدة من ملوك الفرنج.
وفيها قتل صاحب الروم قلج أرسلان السلجوقي، وقتل بكتمر صاحب خلاط على يد الإسماعيلية.
وسار السلطان طغرل، فبدع في الري، وقتل بها خلقًا من المسلمين، وعاد إلى همذان، فبطل نصفه.
وفيها افتتح سلطان غزنة شهاب الدين في بلاد الهند.
قال ابن الأثير: انقض كوكبان عظيمان اضطرما، وسمع صوت هزة عظيمة، وغلب ضوؤهما ضوء القمر والنهار، وذلك بعد طلوع الفجر.