فروخشاه، ثم ابنه الأمجد، وتردد إليه بدمشق الملك الأفضل، وأخوه المحسن وابن عمه المعظم.
قال ضياء الدين ابن أبي الحجاج الكاتب عن الكندي، قال: كنت في مجلس القاضي الفاضل، فدخل عليه فروخشاه فجرى ذكر شرح بيت من ديوان المتنبي، فذكرت شيئًا فأعجبه، فسأل القاضي عني، فقال: هذا العلامة تاج الدين الكندي، فنهض وأخذني معه، ودام اتصالي به. قال: وكان المعظم يقرأ عليه دائمًا، قرأ عليه:"كتاب سيبويه"، فصًا وشرحًا، وكتاب "الحماسة" وكتاب "الإيضاح" وشيئًا كثيرًا، وكان يأتيه ماشيًا من القلعة إلى درب العجم، والمجلد تحت إبطه.
ونقل ابن خلكان أن الكندي قال: كنت قاعدًا على باب ابن الخشاب، وقد خرج من عنده الزمخشري، وهو يمشي في جاون خشب، سقطت رجله من الثلج.
قال ابن نقطة: كان الكندي مكرمًا للغرباء، حسن الأخلاق، وكان من أبناء الدنيا المشتغلين بها، وبإيثار مجالسة أهلها، وكان ثقة في الحديث والقراءات، سامحه الله.
وقال الشيخ الموفق: كان الكندي إمامًا في القراءة والعربية، وانتهى إليه علو الإسناد، وانتقل إلى مذهبه لأجل الدنيا، إلَّا أنه كان على السنة وصى إلي بالصلاة عليه، والوقوف على دفنه، ففعلت.
وقال القفطي: آخر ما كان الكندي ببغداد في سنة ثلاث وستين، وسكن حلب مدة، وصحب بها الأمير حسن ابن الداية النوري واليها. وكان يبتاع الخلي من الملبوس ويتجر به إلى الروم. ثم نزل دمشق، وسافر مع فروخشاه إلى مصر، واقتنى من كتب خزائنها عندما أبيعت … ، إلى أن قال: وكان لينًا في الرواية، معجبًا بنفسه فيما يذكره ويرويه، وإذا نوظر جبه بالقبيح، ولم يكن موفق القلم، رأيت له أشياء باردة، واشتهر عنه أنه لم يكن صحيح العقيدة.
قلت: مت علمنا إلَّا خيرًا، وكان يحب الله ورسوله وأهل الخير، وشاهدت له فتيا في القرآن على خير وتقرير جيد، لكنها تخالف طريقة أبي الحسن، فلعل القفطي قصد أنه حنبلي العقد، وهذا شيء قد سمج القول فيه، فكل من قصد الحق من هذه الأمة فالله يغفر له، أعاذنا الله من الهوى والنفس.
وقال الموفق عبد اللطيف: اجتمعت بالكندي، وجرى بيننا مباحثات، وكان شيخًا بهيًا ذكيًا مثريًا، له جانب من السلطان، لكنه كان معجبًا بنفسه، مؤذيًا لجليسه.