يتجر، ثم استوطن دمشق، ورأى عزًا وجاهًا، وكثرت أمواله، وازدحم عليه الفضلاء، وعمر دهرًا. وكان حنبليًا، فانتقل حنفيًا، وبرع في الفقه، وفي النحو، وأفتى ودرس وصنف، وله النظم والنثر، وكان صحيح السماع، ثقة في نقله، ظريفًا، كيسًا، ذا دعابة، وانطباع.
قرأ عليه بالروايات علم الدين السخاوي، ولم يسندها عنه، وعلم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، وكمال الدين ابن فارس، وعدة.
وحدث عنه: الحافظ عبد الغني، والحافظ عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن نقطة، وابن الأنماطي، والضياء، والبرزالي، والمنذري، والزين خالد، والتقي بن أبي اليسر، والجمال ابن الصيرفي، وأحمد بن أبي الخير، والقاضي شمس الدين ابن العماد، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر، وأبو الغنائم بن علان ومؤمل البالسي، والصاحب كمال الدين العديمي، ومحيي الدين عمر بن عصرون، والفخر علي، والشمس ابن الكمال، ومحمد بن مؤمن، ويوسف ابن المجاور، وست العرب بنت يحيى مولاه، ومحمد بن عبد المنعم ابن القواس.
وروى عنه بالإجازة أبوا حفص: ابن القواس، وابن العقيمي.
قال ابن النجار: أسلمه أبوه في صغره إلى سبط الخياط، فلقنه القرآن، وجود عليه، ثم حفظه القراءات وله عشر سنين، قال: وسافر عن بغداد سنة ثلاث وأربعين، فأقام بهمذان سنين يتفقه على مذهب أبي حنيفة على سعد الرازي بمدرسة السلطان طغرل، ثم إن أباه حج سنة أربع وأربعين، فمات في الطريق، فعاد أبو اليمن إلى بغداد، ثم توجه إلى الشام، واستوزره فروخشاه ثم بعده اتصل بأخيه تقي الدين عمر، واختص به، وكثرت أمواله، وكان الملك المعظم يقرأ عليه الأدب، ويقصده في منزله ويعظمه. قرأت عليه كثيرًا، وكان يصلني بالنفقة، ما رأيت شيخًا أكمل منه عقلًا ونبلًا وثقة وصدقًا وتحقيقًا ورزانة مع دماثة أخلاقه، وكان بهيًا وقورًا، أشبه بالوزراء من العلماء؛ لجلالته وعلو منزلته، وكان أعلم أهل زمانه بالنحو، أظنه يحفظ "كتاب سيبويه"، ما دخلت عليه قط إلَّا وهو في يده يطالعه، وكان في مجلد واحد رفيع يقرؤه بلا كلفة، وقد بلغ التسعين، وكان قد متع بسمعه وبصره قوته، وكان مليح الصورة، ظريفًا، إذا تكلم ازداد حلاوة، وله النظم والنثر والبلاغة الكاملة. إلى أن قال: توفي وحضرت الصلاة عليه.
قلت: كان يروي كتبًا كبارًا من كتب العلم. وروى عنه "كتاب سيبويه": علم الدين القاسم.
قال أبو شامة: ورد مصر، وكان أوحد الدهر، فريد العصر، فاشتمل عليه عز الدين