الأول: أن القراءة فى الجهرية خلفه هو الذى يتنافى مع الفطرة لأنه لا يعقل البتة أن يجهر الإمام , وينشغل المأموم بالقراءة عن الإصغاء والاستماع إليه , وقد تنبه لهذا الشافعية وغيرهم فقالوا بالقراءة فى سكتات الإمام , ولما وجدوا أن ذلك لا يمكن ولا يحصل الغرض من التدبر فى القراءة , قالوا بالسكتة الطويلة عقب الفاتحة بقدر ما يقرؤها المؤتم , وهذا مع أنه لا أصل له فى الشرع
لأن حديث السكتة ضعيف ومضطرب كما سيأتى فليس فيه هذه السكتة الطويلة!
الثانى: أنه قد صح عن على رضى الله عنه أنه كان يقرأ فى السرية , فقد روى ابن أبى شيبة (١/١٤٨/٢) والدارقطنى (ص ١٢٢) وكذا البيهقى (٢/١٦٨) واللفظ له عن الزهرى عن عبيد الله بن أبى رافع عن على أنه: " كان يأمر أو يحث أن يقرأ خلف الإمام فى الظهر والعصر فى الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة , وفى الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ".
وقال الدارقطنى:" وهذا إسناد صحيح ".
قلت: وزاد بعض الرواة فيه: " عن أبيه عن على ". وكذلك علقه البخارى كما تقدم. لكن قال البيهقى:" الأصح الرواية الأولى , وسماع عبيد الله بن أبى رافع عن على رضى الله عنه ثابت , وكان كاتباً له ".
قلت: فإذا ثبت هذا الأمر عن على رضى الله عنه , فلا يجوز أن ينسب إليه القول بنفى مشروعية القراءة وراء الإمام مطلقاً فى السرية أو الجهرية , بناء على قوله المتقدم " من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة " كما صنع ابن عبد البر فى " التمهيد " على ما نقله ابن التركمانى عنه (٢/١٦٩) وأقره طبعاً تبعاً لمذهبه! كما لا يجوز أن يتخذ هذا الأمر الثابت عنه دليلاً على ضعف قوله