أَعْتَقَهَا، لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِهَا حَتَّى يَقُولَا: وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ، أَوِ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضَتِهِ، أو الدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ، أحكِمَ لَهُ بِهَا، وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ وَارِثُهُ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غيره، سَلَّمَ الْمَالَ إِلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، أَوْ لَمْ يَكُونَا، وَإِنْ قَالَا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَ عَلَى إِقْرَارِ غَيْرِهِ بِحَقٍّ، فَقِيلَ: يُعْتَبَرُ ذِكْرُ سَبَبِهِ. وَالْأَصَحُّ: لَا، كَاسْتِحْقَاقِ مَالٍ، وَإِنْ شَهِدَ بِسَبَبٍ يُوجِبُهُ، وَاسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ.
وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ شَهِدَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِشَيْءٍ، سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِهِ، انْتَهَى.
وَلَا تُعْتَبَرُ إِشَارَتُهُ إِلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ حَاضِرٍ مَعَ نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ، وَلَا قَوْلُهُ طَوْعًا فِي صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَمَا صَحَّتِ الشَّهَادَةُ بِهِ صَحَّتِ الدَّعْوَى، وَبِالْعَكْسِ.
وَعَلَى اخْتِيَارِ الْمُؤَلِّفِ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمِلْكِ وَالتَّسْلِيمِ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ وَقَفَهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهَا، لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِهَا حَتَّى يَقُولَا: وَهِيَ فِي مِلْكِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ وَيَقِفُ وَيَعْتِقُ مَا لَا يَمْلِكُهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ قَوْلَ الشَّاهِدَيْنِ: وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، لَتَمَكَّنَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَ شَيْئًا مِنْ يَدِ غَيْرِهِ أَنْ يَتَّفِقَ هُوَ وَشَخْصٌ، وَيَبِيعُهُ إِيَّاهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ، ثُمَّ يَنْتَزِعُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِهِ، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ لَا يَرِدُ الشَّرْعُ بِمِثْلِهِ، (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ، أَوِ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضَتِهِ، أَوِ الدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ، أحكم لَهُ بِهَا) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ الْغَزَلَ عَيْنُ الْقُطْنِ، وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ، وَالطَّيْرَ هُوَ الْبَيْضَةُ اسْتَحَالَتْ، وَالدَّقِيقَ عَيْنُ الْحِنْطَةِ، وَإِنَّمَا تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهَا، وَقِيلَ: أَوِ الْبَيْضَةُ مِنْ طَيْرِهِ فَكَذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ: لَا، حَتَّى يَقُولَا: بَاضَتْهَا فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَةَ غَيْرُ الطَّيْرِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ نَمَائِهِ كَالْوَلَدِ، (وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ، وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ وَارِثُهُ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، سَلَّمَ الْمَالَ إِلَيْهِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ عِلْمُهُ، فَكَفَى فِيهِ الظَّاهِرُ مَعَ شَهَادَةِ الْأَصْلِ بِعَدَمِ وَارِثٍ آخَرَ (سَوَاءٌ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، أَوْ لَمْ يَكُونَا) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَيِّنَةِ يُعَضِّدُهُ الْأَصْلُ، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فَيَجِبُ الْكَشْفُ عَنْ حَالِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِمْ بِوَارِثٍ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى عَدَمِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، فَيَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي بِمَوْتِهِ وَلْيَحْضُرْ وَارِثُهُ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سَلَّمَهُ، وَقِيلَ: بِكَفِيلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute