أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ رِوَايَتَانِ. إِلَّا أَنْ لا يَحْتَمِلَ إِلَّا قَوْلَ أَحَدِهِمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَنْفِيهِ، كَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ وَيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ، أَوْ أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ.
وَالثَّانِيَةُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَهِيَ أَنَصُّهُمَا.
وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ، وَيَمِينُهُ عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ، فَإِنْ أَجَابَ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ أَجَابَ أَنَّهُ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ مِنَ الرَّدِّ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا عَلَى الْبَتِّ إِلَّا عَلَى النَّفْيِ فِي فِعْلِ الْغَيْرِ، وَعَنْهُ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَفِي الْإِيضَاحِ يَتَحَالَفَانِ (إِلَّا أَنْ لا يَحْتَمِلَ إِلَّا قَوْلَ أَحَدِهِمَا) كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ، وَالْجُرْحِ الْمُنْدَمِلِ عَقِيبَ الْعَقْدِ، وَالْجُرْحِ الطَّرِيِّ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ) مَنْ يَدَّعِيهِ (بِغَيْرِ يَمِينٍ) لِلْعِلْمِ بِصِدْقِهِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى اسْتِحْلَافِهِ، وَقِيلَ: بَلَى؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ.
فَرْعٌ: إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا أُرِيَتِ الثِّقَاتِ، وَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ وَطِئَهَا، وَقَالَ: مَا وَجَدْتُهَا بِكْرًا، فَوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: إِذَا وَكَّلَ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَ الْوَكِيلُ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ، فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ فَأَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ، وَأَنْكَرَ مُوَكَّلُهُ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى مُوَكَّلِهِ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الرَّدَّ، فَقُبِلَ كَخِيَارِ الشَّرْطِ، وَصَحَّحَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ، فَلَمْ يُقْبَلْ كَالْأَجْنَبِيِّ فَعَلَيْهِ لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَمْلِكْ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ، لِأَنَّ رَدَّهُ بِإِقْرَارِهِ وهو غير مقبول عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ الْوَكِيلُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ عَنْهَا، فَرُدَّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُوَكَّلِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute