للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَرْشِ وَبَيْنَ رَدِّهِ، وَأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ. قَالَ الْخِرَقِيُّ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ الْعَيْبَ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ كَامِلًا، قَالَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

" الْمُحَرَّرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى السَّلَامَةَ، فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِيمَا قَابَلَهُ مِنَ الثَّمَنِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ، وَفِي الرَّدِّ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، إِذْ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ بِالْأَرْشِ فَتَعَيَّنَ، وَلِأَنَّ وَطْأَهَا يَعِيبُهَا عُرْفًا وَيَنْقُصُهَا حِسًّا لِكَوْنِهِ يُذْهِبُ جُزْءًا مِنْهَا (وَعَنْهُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَرْشِ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ) وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ، وَالْمُؤَلِّفُ قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ، وَعَلَيْهَا الْأَصْحَابُ لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ مَعَ ذَهَابِ جُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ، وَهُوَ اللَّبَنُ وَجَعَلَ التَّمْرَ بَدَلًا لَهُ، وَقَدْ رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَبِسَهُ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَرَدَّهُ، وَمَا نَقَصَ فَأَجَازَ الرَّدَّ مَعَ النُّقْصَانِ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّهُ عَيْبُ حَدَثٍ عِنْدَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَلَمْ يَمْنَعِ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ كَالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ كَزَوَالِهِ قَبْلَ رَدِّهِ، وَإِنْ زَالَ بَعْدَهُ فَفِي رُجُوعِ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ احْتِمَالَانِ فَعَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكَ وَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ رَدَّهُ رَدَّ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ كَالْآخَرِ، فَإِذَا كَانَتْ بِكْرًا قِيمَتُهَا مِائَةً وَثَيِّبًا ثَمَانِينَ رَدَّ مَعَهَا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ بِفَسْخِ الْعَقْدِ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ أَرْشِ الْعَيْبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي، وَعَنْهُ: الْوَاجِبُ فِي وَطْءِ الْبِكْرِ الْمَهْرُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ (قَالَ الْخِرَقِيُّ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ الْعَيْبَ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ كَامِلًا) أَيْ: إِذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ أَيْ: كَتَمَهُ وَأَخْفَاهُ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرُدُّ بِلَا أَرْشٍ وَيَلْزَمُ الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنِ بِكَمَالِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَبَالَغَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَهُ الرَّدُّ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَا عَقْدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَّطَ الْمُشْتَرِيَ وَغَرَّهُ فَصَارَ كَالْغَارِّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ سَوَاءٌ كَانَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَوَطْءِ الْبِكْرِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ، أَوْ بِفِعْلِ الْعَبْدِ كَالْإِبَاقِ، وَالسَّرِقَةِ، أَوْ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَرَضِ وَسَوَاءٌ كَانَ نَاقِصًا

<<  <  ج: ص:  >  >>