وَالْقَبُولُ، فَيَقُولُ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ، أَوْ مَلَّكْتُكَ وَنَحْوُهُمَا. . . وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: ابْتَعْتُ، أَوْ قَبِلْتُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، فَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ جَازَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَعْنَى فَقَطْ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} [الشعراء: ١٦٨] مِنَ الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّ " قَالَ " مِنَ " الْقَوْلِ "، وَالْقَالِينَ مِنْ " الْقِلَى " فَالْحُرُوفُ لَمْ تَتَّفِقْ وَالْمَعْنَى لَمْ يَتَّحِدْ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِالْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِانْتِفَاءِ مَدِّ الْبَاعِ فِيهِ.
(وَهُوَ) فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ شَيْءٍ وَإِعْطَاءُ شَيْءٍ، قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَهُوَ فِي الشَّرْعِ (مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ) فَدَخَلَ فِيهِ الْمُعَاطَاةُ وَالْقَرْضُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ قَصَدَ فِيهِ التَّمَلُّكَ، لَكِنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ فِيهِ الْإِرْفَاقُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْإِجَارَةُ، وَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ الرِّبَا، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إِذَا تَضَمَّنَ عَيْنَيْنِ لِلتَّمَلُّكِ، وَأَبْدَلَ السَّامِرِيُّ عَيْنَيْنِ بِمَالَيْنِ لِيَحْتَرِزَ عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ مِنْهُ، وَلَا مَانِعَ لِدُخُولِ الرِّبَا فِيهِ.
وَالْأَوْلَى فِيهِ: تَمْلِيكُ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ غَيْرِ رِبًا وَلَا قَرْضٍ، ثُمَّ لِبَيْعِ الْعَيْنِ أَقْسَامٌ، وَلِصِحَّتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانِ: الْعَاقِدُ، وَصِيغَةُ الْعَقْدِ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ.
(وَلَهُ صُورَتَانِ) أَيْ: يَنْعَقِدُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (إِحْدَاهُمَا: الْإِيجَابُ) وَهُوَ الصَّادِرُ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ (وَالْقَبُولُ) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَحَكَى فِي اللُّبَابِ الضَّمَّ، وَهُوَ الصَّادِرُ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي (فَيَقُولُ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ أَوْ مَلَّكْتُكَ وَنَحْوُهُمَا) كَوَلَّيْتُكَ، أَوْ أَشْرَكْتُكَ، أَوْ أَعْطَيْتُكَ (وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: ابْتَعْتُ، أَوْ قَبِلْتُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا) كَأَخَذْتُهُ أَوِ اشْتَرَيْتُهُ أَوْ تَمَلَّكْتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ صَرِيحَانِ فِيهِ، فَانْعَقَدَ بِهِمَا كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ، وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ فَقَطْ لِصَرَاحَتِهِمَا كَالنِّكَاحِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْقَبُولَ يَعْقُبُ الْإِيجَابَ (فَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ جَازَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) جَزَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute