للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا دَلَّ عَلَيْهِ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ، أَوْ أَعَانَ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ كَانَ لَهُ أَثَرٌ فِي ذَبْحِهِ؛ مِثْلَ أَنْ يُعِيرَهُ سِكِّينًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُحْرِمًا، فَيَكُونُ جَزَاؤُهُ بَيْنَهُمَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الدَّلَالَةُ مُلْجِئَةً لَزِمَ الْمُحْرِمَ الْجَزَاءُ، كَقَوْلِهِ: دَخَلَ فِي هَذِهِ الْمَغَارَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ، كَقَوْلِهِ: ذَهَبَ فِي هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّبَبِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُلْجِئًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَالدَّافِعُ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ. وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْمُمْسِكَ غَيْرُ مُلْجِئٍ، وَيَضْمَنُ بِهَا الْمُودِعُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ دَلَّهُ فَكَذَبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَلَوْ دَلَّ حَلَالٌ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَكَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ مُحْرِمًا عَلَيْهِ (أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ) نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، لَكِنْ لَوْ رَأَى الصَّيْدَ قَبْلَ الدَّلَالَةِ وَالْإِشَارَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى دَالٍّ وَمُشِيرٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَبَبًا فِي تَلَفِهِ، كَمَا لَوْ وُجِدَ مِنَ الْمُحْرِمِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ ضَحِكٌ، أَوِ اسْتِشْرَافٌ فَفَطِنَ لَهُ غَيْرُهُ فَصَادَهُ (أَوْ أَعَانَ عَلَى ذَبْحِهِ) نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ بِمُنَاوَلَتِهِ سِلَاحَهُ أَوْ سَوْطَهُ أَوْ أَمَرَهُ بِاصْطِيَادِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَوْ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ فَرَسًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا بِهِ.

(أَوْ كَانَ لَهُ أَثَرٌ فِي ذَبْحِهِ مِثْلُ أَنْ يُعِيرَهُ سِكِّينًا) أَوْ نَحْوَهَا لِيَقْتُلَهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ مَا يَقْتُلُهُ بِهِ أَوْ لَا، لِمَا «رَوَى أَبُو قَتَادَةَ أَنَّهُ لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ وَأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا لَا، وَفِيهِ أَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا فَلَمْ يُؤْذِنُونِي، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ: لَهُمْ نَاوِلُونِي، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إِنَّا مُحْرِمُونَ فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَائِهِ فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَأْكُلُوا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كُلُوهُ هُوَ حَلَالٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَفَظُهُ لِلْبُخَارِيِّ، وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى الْحَرَامِ فَكَانَ حَرَامًا كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ.

(إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُحْرِمًا فَيَكُونُ جَزَاؤُهُ بَيْنَهُمَا) هَذَا هُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي التَّحْرِيمِ فَكَذَا فِي الْجَزَاءِ، وَلِأَنَّهُ جَزَاءٌ عَنْ مَقْتُولٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ، وَيُحْتَمَلُ التَّبْعِيضُ، فَكَانَ وَاحِدًا كَقَيِّمِ الْعَبِيدِ وَعَنْهُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ، وَعَنْهُ: جَزَاءٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ، وَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>