للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ بِانْقِطَاعِهِ لِلِانْفِسَاخِ أَوْ الْفَسْخِ وَلِأَنَّ عَيْنَهُ تُقْصَدُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَنَحْوِهِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُثَمَّنِ وَبِدَيْنِ الْإِتْلَافِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَبِقِيمَةِ الْمُتْلَفِ (كَبَيْعِهِ) أَيْ الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ (لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) بِغَيْرِ دَيْنٍ (كَأَنْ بَاعَ) لِعَمْرٍو (مِائَةً لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِائَةٍ) فَإِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، وَفِي أَصْلِهَا آخِرُ الْخُلْعِ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ السَّابِقُ

وَرَجَّحَ الْأَصْلُ الْبُطْلَانَ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَالْأَوَّلُ مَحْكِيٌّ عَنْ النَّصِّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَدْيُونِ مِلِّيًّا مُقِرًّا وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا

(وَشُرِطَ) لِكُلٍّ مِنْ الِاسْتِبْدَالِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (فِي مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ رِبًا) كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسِهِ (قَبْضٌ) ، لِلْبَدَلِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلْعِوَضَيْنِ فِي الثَّانِي (فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ، (وَ) شُرِطَ (فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ الرِّبَا، كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ (تَعْيِينٌ) لِذَلِكَ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ (فَقَطْ) ، أَيْ لَا قَبْضُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ، لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ كَالْبَغَوِيِّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ الرِّبَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ بِانْقِطَاعِهِ) وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَفَاسَخَا عَقْدَ السَّلَمِ لِيَصِيرَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَسْتَبْدِلَ عَنْهُ بِشَرْطِهِ الْآتِي أَيْ هُنَا فِي الْمَتْنِ وَمَحَلُّ التَّفَاسُخِ عِنْدَ مُوجِبِهِ كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ إلَّا بِالسَّبَبِ اهـ زِيَادِيٌّ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ لِلِانْفِسَاخِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِالِانْقِطَاعِ بَلْ يُخَيَّرُ الْمُسْلِمُ قَالَهُ ح ل فَقَوْلُهُ أَوْ الْفَسْخِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي وَقْتِ الْحُلُولِ قِيلَ: يَنْفَسِخُ السَّلَمُ وَقِيلَ: يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ) فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالِيَّةُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ دَيْنِ الْقَرْضِ وَدَيْنِ الْإِتْلَافِ وَدَيْنِ الْأُجْرَةِ وَكُلِّ مَضْمُونٍ ضَمَانَ عَقْدٍ ح ل وَمَحَلُّ مَنْعِ الِاسْتِبْدَالِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ شَخْصٌ، أَمَّا لَوْ ضَمِنَهُ شَخْصٌ فَإِنَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْهُ مِنْ الضَّامِنِ وَهَذِهِ نَقَلَهَا م ر فِي شَرْحِهِ عَنْ وَالِدِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ اعْتِيَاضٌ عَنْ دَيْنِ الضَّمَانِ لَا عَنْ دَيْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ

(قَوْلُهُ كَبَيْعِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ الْمُقَيَّدِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُثَمَّنٍ وَبِكَوْنِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ فَاشْتِرَاطُ كَوْنِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَتْنِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ تَمَامِ تَفْسِيرِ الضَّمِيرِ فَكَأَنْ يَقُولَ كَبَيْعِهِ أَيْ الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ بِغَيْرِ دَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ) أَيْ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ الْمُسْتَبْدَلِ عَنْهُ بِقَيْدِهِ، وَالْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ فِي الصِّحَّةِ لَا لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ هَذَا مَقِيسٌ عَلَى الْأَوَّلِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَبَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ) أَيْ سَابِقٍ عَلَى الِاسْتِبْدَالِ وَإِلَّا فَلَوْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ مُنْشَأٍ وَقْتَ الْعَقْدِ فَصَحِيحٌ س ل (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ) لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَمَا عُيِّنَ لَيْسَ عَيْنَ مَا فِيهَا وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ الْمَشْرُوطِ بِصِحَّةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ) أَيْ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَوْنُ الْمَدْيُونِ مَلِيئًا أَيْ مُوسِرًا مِنْ الْمَلَاءَةِ وَهِيَ السَّعَةُ

وَقَوْلُهُ مُقِرًّا أَيْ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَقَوْلُهُ مُسْتَقِرًّا أَيْ مَأْمُونًا مِنْ سُقُوطِهِ خَرَجَ بِهِ الْأُجْرَةُ قَبْلَ تَمَّامِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَقِرَّةً فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَكَنُجُومِ الْكِتَابَةِ

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْ اسْتَبْدَلَا فِي الذِّمَّةِ كَأَنْ قَالَ اسْتَبْدَلْت عَنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِك دِينَارًا فِي ذِمَّتِك وَيَقْبِضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَجْرِي فِي بَيْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَأَنْ بَاعَ لِعَمْرٍو مِائَةً لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِائَةٍ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو لِأَنَّ مِثَالَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لِهَذِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي غَيْرِهِمَا) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لِلْعِوَضَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَمْ لَا وَأَمَّا فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الدَّيْنِ إنْ اتَّحَدَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ فِيهِ شَيْخُنَا وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا

(قَوْلُهُ تَعْيِينٌ لِذَلِكَ) أَيْ الْبَدَلِ فِي الْأَوَّلِ وَالْعِوَضَيْنِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ لَا قَبْضُهُ فِيهِ) ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ بَاعَ إلَخْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ مَحْمُولًا عَلَى مَا بَعْدَ اللُّزُومِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ بِرِضَاهُمَا ح ل (قَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّوْبِ وَالدَّرَاهِمِ، لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ

وَقَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ أَيْ وَلَا الدَّرَاهِمِ بَلْ الشَّرْطُ تَعْيِينُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمَجْلِسِ إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَتَعْيِينُ الدَّرَاهِمِ فَقَطْ إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِبْدَالِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَّفِقِينَ فِي عِلَّةِ الرِّبَا وَغَيْرِهِمَا وَالْحَمْلُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا لَوْ بَاعَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو. اهـ. ز ي.

وَعِبَارَةُ ح ل الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيُضَعِّفُ هَذَا الْحَمْلُ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ فِي التَّمْثِيلِ لِهَذَا بِأَنْ ابْتَاعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>