وَلَوْ فِي صُلْحٍ عَنْ دَيْنٍ غَيْرِ مُثَمَّنٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِغَيْرِ دَيْنٍ) كَثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (وَدَيْنِ قَرْضٍ وَإِتْلَافٍ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ: «كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْط مُسْلِمٍ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ، فَهُوَ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ، وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ، أَمَّا الدَّيْنُ الْمُثَمَّنُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِبْدَالُهُ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقَالَةً لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الصِّحَّةَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْمُعَاطَاةِ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي صُلْحٍ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: صَالَحَتْك مِنْ الدِّينَارِ الَّذِي أَدَّعِيهِ عَلَيْك بِدِرْهَمٍ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ فِي صُلْحٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاسْتِبْدَالُ بِوَاسِطَةِ صُلْحٍ. وَأَمَّا تَصْوِيرُ الْعَزِيزِيِّ بِقَوْلِهِ صُورَتُهُ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ يَسْتَبْدِلَ عَنْ الْأَلْفِ شَيْئًا فَلَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَ التَّعْمِيمُ فِي الدَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَصَحَّ اسْتِبْدَالٌ عَنْ دَيْنٍ وَلَوْ فِي صُلْحٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ ثَبَتَ بِوَاسِطَةِ صُلْحٍ. (قَوْلُهُ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ رِبَوِيٍّ وَغَيْرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْقُيُودُ ثَلَاثَةٌ بِغَيْرِ دَيْنٍ رَابِعٍ (قَوْلُهُ غَيْرِ مُثَمَّنٍ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالرِّبَوِيِّ أَيْ الَّذِي بِيعَ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَأُجْرَةِ الْإِجَارَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ) أَيْ سَابِقٍ عَلَى الِاسْتِبْدَالِ وَإِلَّا فَلَوْ صَالَحَهُ بِدَيْنٍ يَحْدُثُ حِينَئِذٍ فَصَحِيحٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ) قَالَ: بَعْضُهُمْ لَكِنْ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُ الثَّمَنَ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ جَوَازِ اسْتِبْدَالِهِ عَنْهُ؟ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ) هَذَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ دَيْنٍ هُوَ ثَمَنٌ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ أَيْ مِنْ عَقْدِ الِاسْتِبْدَالِ ح ل (قَوْلُهُ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِفُلُوسٍ مَعْلُومَةٍ فِي الذِّمَّةِ امْتَنَعَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِأَنَّ الدِّينَارَ هُوَ الثَّمَنُ وَالْفُلُوسَ هُوَ الْمُثَمَّنُ وَمِثْلُ الْفُلُوسِ الْأَمْتِعَةُ وَالْعَبِيدُ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فِي الذِّمَّةِ، إذْ لَا فَرْقَ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الْعَبْدَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِك صَحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِأَنَّهَا ثَمَنٌ مَعَ أَنَّهَا مُسْلَمٌ فِيهَا وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ يُلْتَزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ عَلَى الْغَالِبِ اهـ أَوْ حَيْثُ لَمْ يَعْقِدْ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ مُطْلَقًا ح ل (قَوْلُهُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ نَقْدًا كَأَنْ أَسْلَمَ عَبْدًا فِي نَقْدٍ فَيَمْتَنِعُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ النَّقْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ ثَمَنٌ لِأَنَّ النَّقْدَ فِي الْحَقِيقَةِ مُسْلَمٌ فِيهِ. فَقَوْلُهُمْ يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْلَمًا فِيهِ وَكَالْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ إنْ عُقِدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ كَأَنْ عُقِدَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا عَلَى غَيْرِ طَرِيقَةِ الشَّارِحِ أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِ فَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ مُسْلَمٌ فِيهِ وَإِنْ عُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَمَا سَيَأْتِي. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ كَثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ مَعَ عُمُومِ التَّعْلِيلِ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَلِأَنَّ الثَّمَنَ تُقْصَدُ مَالِيَّتُهُ، وَعُمُومُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ قَوْلُهُ كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ لِلْمُعَيَّنِ وَلِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ قَيْدًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عَدَمُ ذِكْرِهِ مُحْتَرَزَهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّعْمِيمَ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَلَعَلَّ ذِكْرَ الذِّمَّةِ بَيَانٌ لِمَا ثَبَتَ فِيهَا مِمَّا شَابَهَ الثَّمَنَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ كَاتِبُهُ اط ف وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ سَابِقًا: كَمَبِيعٍ وَثَمَنٍ وَصَدَاقٍ مُعَيَّنَاتٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الذِّمَّةِ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِاَلَّذِي قَبَضَهُ بَدَلَهُ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ خَاصٌّ بِمَا فِي الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقَالَةً) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ أَوْ بِنَقْصٍ كَأَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ قِرْشًا عَلَى إرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الْإِرْدَبَّ بِإِرْدَبَّيْنِ فُولًا مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، أَمَّا لَوْ اسْتَبْدَلَ بِالْمُقَابِلِ وَهُوَ الْقِرْشُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. اهـ. بش وَيَصِيرُ الْقِرْشُ دَيْنًا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute