للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِنِيَّتِهِ) أَيْ: التَّحَلُّلِ (فِيهِمَا) لِاحْتِمَالِهِمَا لِغَيْرِ التَّحَلُّلِ (وَبِشَرْطِ ذَبْحٍ مِنْ نَحْوِ مَرِيضٍ) فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَلْقِ فَقَطْ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْوُقُوفُ أَتَى بِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ بِذَلِكَ. وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الذَّبْحِ، وَالْحَلْقِ مَعَ قَرْنِ النِّيَّةِ بِهِمَا، وَذِكْرُ مَا يَتَحَلَّلُ بِهِ نَحْوُ الْمَرِيضِ، وَمَحَلُّ تَحَلُّلِهِ مِنْ زِيَادَتِي. وَإِطْلَاقِي الذَّبْحَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِشَاةٍ، وَمَا لَزِمَ الْمَعْذُورَ مِنْ الدِّمَاءِ أَوْ سَاقَهُ مِنْ الْهَدَايَا يَذْبَحُهُ حَيْثُ عُذِرَ أَيْضًا.

(فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الدَّمِ (فَطَعَامٌ) يَجِبُ حَيْثُ عُذِرَ (بِقِيمَةٍ) لِلدَّمِ مَعَ الْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ (فَ) إنْ عَجَزَ وَجَبَ (صَوْمٌ) حَيْثُ شَاءَ (لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) مَعَ ذَيْنِك كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ بِالْإِفْسَادِ (وَلَهُ) إذَا انْتَقَلَ إلَى الصَّوْمِ (تَحَلَّلَ حَالًا) بِحَلْقٍ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ فِيهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِطْعَامِ لِطُولِ زَمَنِهِ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى فَرَاغِهِ.

(وَلَوْ أَحْرَمَ رَقِيقٌ) وَلَوْ مُكَاتَبًا (أَوْ زَوْجَةٌ بِلَا إذْنٍ) فِيمَا أَحْرَمَ بِهِ (فَلِمَالِكِ أَمْرِهِ) مِنْ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ (تَحْلِيلُهُ) بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالتَّحْلِيلِ؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُمَا عَلَى إحْرَامِهِمَا يُعَطِّلُ عَلَيْهِ مَنَافِعَهُمَا الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا فَلَهُمَا التَّحَلُّلُ حِينَئِذٍ فَيَحْلِقُ الرَّقِيقُ، وَيَنْوِي التَّحَلُّلَ، وَتَتَحَلَّلُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ بِمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ الْمُحْصَرُ فَعُلِمَ أَنَّ إحْرَامَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحِيحٌ. فَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلَا فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَتِهِ مِنْهُمَا وَالْإِثْمُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَحْرَمَا بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُمَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ وَإِنْ فَرَضَهُ الْأَصْلُ فِي الْحَجِّ فِي إحْرَامِ الزَّوْجَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُمَا فِي الْعُمْرَةِ فَحَجَّا فَلَهُ تَحْلِيلُهُمَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُ رَجْعِيَّةٍ وَلَا بَائِنٍ بَلْ لَهُ حَبْسُهُمَا لِلْعِدَّةِ. وَالْمُبَعَّضُ كَالرَّقِيقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُهَايَأَةً، وَيَقَعُ نُسُكُهُ فِي نَوْبَتِهِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ. فَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ كَالرَّقِيقِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.

(وَلَا إعَادَةَ عَلَى مُحْصَرٍ) تَحَلَّلَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ؛ وَلِأَنَّ الْفَوَاتَ نَشَأَ عَنْ الْإِحْصَارِ الَّذِي لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ نَعَمْ إنْ سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ، أَوْ صَابَرَ إحْرَامَهُ غَيْرَ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْإِحْصَارِ فَفَاتَهُ الْوُقُوفُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. (فَإِنْ كَانَ) نُسُكُهُ (فَرْضًا فَفِي ذِمَّتِهِ إنْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ) كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ. وَكَالْإِعَادَةِ وَالنَّذْرِ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ وَلَمْ يُتِمَّهَا تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَكَانُ الْإِحْصَارِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.

وَيَكُونُ مَحِلُّهُ كِنَايَةً عَنْ ذَبْحِهِ فِي مَكَانِ الْإِحْصَارِ كَمَا فِي الْجَلَالَيْنِ.

(قَوْلُهُ بِنِيَّتِهِ) أَيْ: مَعَ نِيَّتِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ ذَبْحٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنِيَّتِهِ أَيْ: يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِذَبْحٍ فَحَلْقٍ مَعَ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ وَمَعَ شَرْطِ ذَبْحٍ مِنْ نَحْوِ مَرِيضٍ أَيْ: زِيَادَةً عَلَى النِّيَّةِ أَيْ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا شَرَطَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ: نَحْوُ الْمَرِيضِ، أَوْ الْمَعْذُورِ مِنْ حَيْثُ هُوَ الشَّامِلُ لِلْمُحْصَرِ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ بِذَبْحٍ فَحَلْقٍ أَيْ: مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَتَى بِالْوُقُوفِ، وَبِالتَّحَلُّلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ) أَيْ: وَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْوُقُوفِ فَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْ نَحْوِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي وَقْتٍ آخَرَ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِالْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ وَبِالذَّبْحِ إنْ شَرَطَهُ.

(قَوْلُهُ: بِقِيمَةٍ لِلدَّمِ) أَيْ: بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ ثَمَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ ذَلِكَ، فَأَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ حَجّ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى بَدَلٍ، أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: يَشْتَرِي بِقِيمَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ رَقِيقٌ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْحَصْرِ الْعَامِّ شَرَعَ فِي الْخَاصِّ فَقَالَ: وَلَوْ أَحْرَمَ إلَخْ. ز ي (قَوْلُهُ: فَلِمَالِكِ أَمْرِهِ) أَيْ: أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: صَحِيحٌ) أَيْ: مَعَ الْحُرْمَةِ فِي الرَّقِيقِ دُونَ الزَّوْجَةِ فِي الْفَرْضِ بِخِلَافِ النَّفْلِ ز ي.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ تَحْلِيلُهُمَا) لِطُولِ الزَّمَنِ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ أَيْ: لِقِلَّةِ الزَّمَنِ. (قَوْلُهُ بَلْ لَهُ حَبْسُهُمَا) أَيْ: مَنْعُهُمَا لِلْخُرُوجِ لِلْحَجِّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَرْعٌ: لَهُ حَبْسُ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْخُرُوجِ إذَا أَحْرَمَتْ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ، وَإِنْ خَشِيَتْ الْفَوَاتَ، أَوْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ لِسَبْقِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَلَا يُحَلِّلُهَا إلَّا إنْ رَاجَعَهَا فَلَهُ تَحْلِيلُهَا إذَا أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا مَضَتْ فِي الْحَجِّ فَإِنْ أَدْرَكَتْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهَا حُكْمُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ.

(قَوْلُهُ: وَيَقَعُ نُسُكُهُ فِي نَوْبَتِهِ) بِأَنْ تَكُونَ نَوْبَتُهُ تَسَعُ جَمِيعَ نُسُكِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ: الْغَالِبِ أَنَّهُ لَا مُهَايَأَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ عَلَى مُحْصَرٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْحَصْرُ عَامًّا، أَوْ خَاصًّا كَالْمَرِيضِ، وَالزَّوْجَةِ، وَالشِّرْذِمَةِ ز ي فَإِنْ قُلْت: هَلَّا وَجَبَ الْقَضَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْفَوَاتِ قُلْت لَا؛ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ أَذِنَ لَهُ الشَّارِعُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْعِبَادَةِ فَكَانَ حَجُّهُ غَيْرَ وَاجِبِ الْإِتْمَامِ، فَلَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ الْفَوَاتِ شَوْبَرِيٌّ.

وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعُ كَمَا قَالَهُ ع ش أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ إلَخْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ لِحَجَّةِ الْإِحْصَارِ، ثُمَّ يُنْظَرُ لِحَالِهِ قَبْلَ الْإِحْصَارِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ إلَخْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهِ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِعَادَةِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) فِي الِاسْتِدْرَاكِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا يُقَالُ: لَهُ مُحْصَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَارَ هُوَ: الْمَنْعُ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَعِلَّةُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي الْأُولَى أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُحْصَرْ، وَعِلَّتُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ نُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ. (قَوْلُهُ: مُسَاوِيًا) سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ، وَمُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: غَيْرُ مُتَوَقَّعٍ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ نَشَأَ عَنْهُ إلَخْ فَكَانَ الْأَظْهَرُ جَمْعَهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لِلْأَوَّلِ) أَيْ: الَّذِي حُصِرَ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَفَاتَهُ الْحَجُّ) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) عَلَّلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْأُولَى بِأَنَّهُ فَوَاتٌ مَحْضٌ، وَالثَّانِيَةَ بِشِدَّةِ تَفْرِيطِهِ شَوْبَرِيٌّ.

وَقَوْلُهُ: مَحْضٌ أَيْ: غَيْرُ نَاشِئٍ عَنْ إحْصَارٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُحْصَرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ) أَيْ: الَّذِي أُحْصِرَ عَنْ إتْمَامِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ) بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ مُخَفَّفَةٍ، وَالنُّونُ مَحْذُوفَةٌ لِلْإِضَافَةِ. (قَوْلُهُ: النَّذْرُ) أَيْ: حَيْثُ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>